غدا يوم مختلف

كتب حاتم الكسواني

من الواضح مما يجري في ساحات العالم ودوائره السياسية ومجالسه النيابية  بعد معركة طوفان الأقصى بان غدا  سيكون عالما مختلفا .
ومما يجري في الولايات المتحدة الأمريكية فنحن نلمح توجها لتراجع سطوة اللوبي الصهيوني  سيكون الأسوأ  فيه عندما يتصدر الشباب الذين ثاروا على تأييد إدارتهم لمجازر الإبادة الجماعية في غزة  المشهد  الأمريكي ويتولوا سدة الحكم وقيادة البلاد ،حيث أدرك الامريكيون كم أضر اللوبي الصهيوني المسيطر على قرارات الحزبين الجمهوري والديموقراطي في بلادهم .
إن أهم تغيير يحدث في العالم ذلك الذي يحدث على الساحة الأمريكية ، لدرجة ان بعض الامريكيين أعتبروا غزة محررة لأمريكا ، فغزة وفق رأي الأمريكيين قد حررت الوعي الأمريكي من التعمية السياسية والإعلامية التي أحدثتها الدولة العميقة هناك بخصوص القضية الفلسطينية طوال 75 عاما .

غدا سيكون مختلفا بعد إنكشاف السقوط الأخلاقي الذي مارسته إسرائيل بافعالها التي قامت بها عن عمد ومع سبق الإصرار والترصد بقتل فلسطينيي غزة قصفا بالصواريخ ، والقنص  وبقذائف الدبابات.

آلاف وآلاف علقوا تحت ركام البنايات شهداء أو برسم الشهادة ..و قتل بسبب عدم توفر العلاج أو نقص الطاقة المشغلة للأجهزة الطبية. و قتلى بسبب إخراج المستشفيات والمؤسسات الطبية من الخدمة .. قتلى جوعا وعطشا  .
كل ذلك تحت نظر قيادات العالم ومؤسساته الإنسانية التي ستسقط أيضا بمجرد أن يصمت صوت القذائف والبارود ، فمن خرجوا الى الميادين والساحات سيحاسبون كل هؤلاء على صمتهم و موافقتهم  على كل قذيفة أطلقت فقتلت طفلا وشيخا وامرأة أو هدمت منزلا اومدرسة اومستشفى اوجامعا  وكنيسة .
اما بايدن  وماكرون وسوناك وغيرهم ممن  صافحوا القتلة الإسرائيليين  بحميمية وبنظرات متألمة وربتوا على اكتافهم فسوف تحاسبهم جماهيرهم  بصناديق الاقتراع التي ستخلو من أسمائهم .

غدا يوم مختلف  لأن العالم أضحى على قناعة بضرورة إنهاء آخر إستعمار في التاريخ ،
وهو يوم  مختلف لأن العالم سيطالب إسرائيل بالتخلي عن أحلامها التلمودية بارض إسرائيل من الفرات إلى النيل ، وان تقتنع بأن لا مستقبل لها في المنطقة في ظل هذه الأحلام مستحيلة التحقق .

غدا يوم مختلف لأن نهج المقاومة الفلسطينية سيتعاظم ويتنوع في اساليبه وتطور أسلحته ، وقدرته على المناورة السياسية ،  ويصبح أقسى في مقاومته ،  وأكثر انتشارا في الأرض المحتلة وخارجها في كل مكان في العالم .

غدا يوم مختلفة لأن المقاطعة الإقتصادية والثقافية والرياضية وفي كل المجالات  لإسرائيل ولداعميها سيستمر دون توقف أو تراخي حتى تحقيق الاماني والحقوق الفلسطينية ، فقد انكشف المستور وصنفت إسرائيل دولة فصل عنصري وجب مقاومتها دوليا على الصعيدين الشعبي والرسمي  .

غدا  يوم أفضل.. حيث ستزداد شقة الخلاف بين اليمين المتطرف الإسرائيلي مع المعارضة وباقي التيارات السياسية الإسرائيلية وسنشهد صورا من تفكك المجتمع الإسرائيلي تتفاقم يوما بعد يوم  .

غدا سنرى نتنياهو وغيره مطلوبين للوقوف أمام مؤسسات العدالة الدولية ، بل ان اسرائيل كدولة ستقف أمام العدالة الدولية كدولة فصل عنصري مارقة ، مجرمة ، قاتلة للأطفال ،مدمرة للمستشفيات ، معتدية على الكوادر الصحفية ، وقد بدأت هذه الصورة بالتشكل اليوم  بتقديم جنوب أفريقيا دعوة ضد إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية

غدا يوم مختلف بسبب التراجع الإستراتيجي للوجود الأمريكي والإسرائيلي في منطقتنا ، بخروج جنودها وقواعدها من منطقتنا ، ورفع يدها عن مقدراتها وخيراتها  وإستقلالية قرارها .

غدا يوم مختلف  بسبب تراجع  الرواية الإسرائيلية  واستقبالها بالتشكيك من مختلف أطياف القوى السياسية والشعبية العالمية ، وإنتصار الرواية الفلسطينية وتفهم كل القوى السياسية والشعبية العالمية لها وتصديقها وإعادة روايتها .

واخيرا غدا يوم مختلف حيث أدرك الفلسطينيون بأن السبيل الوحيد لاستعادة حقوقهم لا يمر إلا من خلال نضالاتهم وتضحياتهم وحدهم ومن خلال سيل دمهم  .

مقالات ذات صلة