كتاب ع القمردين.. يوسف غيشان

على سبيل الاحتياط افكر في نشر كتابي القادم على رقائق «القمردين» او الخبيصة (الملبن) وليس على الورق، وإن لم استطع -لأسباب مالية- سأنشره على ورق التواليت…..إشي أشوا من إشي.

أشعر بالجفاف في الحلق والاكتئاب في الروح بينما أتخيل الكاتب الألماني أرنست تولر الذي ألف كتابا من 470 صفحة يفضح فيه النازية ويعريها أمام الشعب الألماني . كان ذلك في سنة 1933..عام صعود النازية …. وقد أمر هتلر الكاتب بأن يبتلع المؤلف أرنست تولر جميع نسخ كتابه المذكور أعلاه.
أتخيل المستر تولر وهو يمزق الصفحات ويلوكها بتؤدة، محاولا البقاء قيد الحياة لأطول مدة ممكنة، أتخيله يوجه نقدا ذاتيا الى نفسه، بسبب الحجم الضخم لكتابه. أما كان من الممكن أن يلخّصة الى 150 صفحة مكثفة من الحجم الصغير مثلا؟؟ أما كان من الممكن أن يتخلى عن المقدمة التاريخية ….. ؟؟؟ أما كان من الممكن أن ينشر كتابه باسم مستعار .. أما كان…. أما كان…. أما كان….؟؟؟؟؟
ما كان بالإمكان الا ما كان، وقد مات المستر تولر خلال عملية هضم الكتاب . لكن حياته استمرت بالتأكيد بواسطة الكتاب المهضوم، الذي لا اعرف عنه شيئا، لكني أتوقع ان نسخا منه قد طبعت بعد هزيمة هتلر في الحرب العالمية الثانية، وأعيد الاعتبار للمؤلف.
كلما كتبت مقالا، اتخيل نفسي مجبرا على ابتلاع هذا المقال، لا بل اتخيل الكاتب ايضا الذي وضع لنفسه رسالة وهدفا وسعى لنقد اخطاء مجتمعه وسياسات وطنه ..أتخيله مجبرا كل يوم على ابتلاع ما يكتب .
إنهم يجبروننا على ابتلاع ما نكتب يوميا، عن طريق سياسة جديدة اعتمدوها منذ بداية القرن الجديد… فقد اعتمدوا سياسة اقوى واكثر خطرا وتأثيرا علينا ..وهي سياسة التطنيش .
اكتب … انتقد …اصرخ ….اتهم، ولن نأبه ولن نرد عليك …… هذا ما يفعلونه معنا كل يوم تقريبا، فنضطر كل ليلة الى ابتلاع ما نشرناه في الصباح، لدرجة اننا ادمنا على ابتلاع ما نكتب، فصرنا نكتب لنبتلع ….ونبتلع لنكتب .
جاء يوم في المانيا … وقاموا بتكريم مبتلع كتابه المستر أرنست تولر ….. فهل يجئ هذا اليوم للكاتب العربي الناقد ذات قرن؟؟؟
وتلولحي يا دالية

مقالات ذات صلة