هل يقود الرزاز الانقلاب؟

فهد الخيطان

كلف الملك عبدالله الثاني، رسميا، الدكتور عمر الرزاز، بتشكيل حكومة جديدة على وقع أزمة يعيشها الأردن منذ أيام.
بيان التكليف الملكي للرزاز داخلي بامتياز يعكس في مضامينه إلى حد كبير الشعارات التي صدحت بها حناجر الشباب الأردنيين في عموم الوطن بالوقفات الاحتجاجية المستمرة.
بعد هذا البيان، يمكن القول إن الأردن على أعتاب مرحلة جديدة عنوانها “إطلاق مرحلة نهضة شاملة” تطال السياسات كافة، وتؤسس لما وصفه البيان بعقد اجتماعي بين المواطن ودولته يوضح المعالم بما يخص الحقوق والواجبات.
وفي مقدمة الأولويات سياسة ضريبية عادلة تنتصر للضعفاء، وترتبط بمستوى الخدمات المقدمة للمكلفين، وإصلاحات جوهرية للقطاع العام لمحاربة البيروقراطية وتحسين الأداء وتحفيز النمو الاقتصادي وجذب الاستثمار.
ومن يدقق في مضامين البيان وتفصيلاته، سيدرك على الفور أن الحكومة الجديدة أمام مهمات استثنائية، وفي ظروف أزمة مستحكمة، تتطلب منها قيادة انقلاب واسع على فرضيات وسياسات المرحلة السابقة والاقتصادية منها على وجه الخصوص، وفي الوقت ذاته إدارة العلاقة مع المؤسسات الدولية المعنية بالإصلاح الاقتصادي في البلاد وضمان دعمها لبرامج الحكومة.
في العموم، الحكومات الأردنية لا تعمل في ظروف مريحة، وتتعرض للقصف المستمر، لكن هذه الحكومة مضطرة للعمل في ظروف أصعب بكثير لأن القصف سيكون بأثقل الأسلحة وفي ظل حرب مفتوحة في الشارع.
لكن ثمة فرصة كبيرة لتحقيق اختراقات ملموسة؛ فالشارع الذي خرج غاضبا من سياسات الحكومة السابقة، مستعد لدعم الحكومة في كل خطوة تنسجم مع مطالبه.
التحدي الأول أمام حكومة الرزاز، هو استعادة الهيبة والاحترام اللذين بلغا أدنى درجاتهما في المرحلة الأخيرة، وذلك لن يتحقق إلا ببرنامج عملي يستجيب لمتطلبات الشعب، من دون إفراط بالوعود، وفريق وزاري يتمتع بالمصداقية والنزاهة الوطنية والشخصية. فريق واثق من نفسه ومهيوب شعبيا ومؤهل، ليتسنى له اتخاذ القرارات من دون تردد أو خوف، وضمان دعم مجتمعي لها حتى وإن ترتب عليها أعباء مالية.
في حديث جلالة الملك مع الصحفيين، أول من أمس، قال إن المرحلة المقبلة تحتاج لقيادات من شباب تحت الخمسين من أعمارهم، لتمثل الأغلبية من الأردنيين.
وفي تقديري أن الوقت قد حان لكسر الاحتكار السياسي في تشكيل الحكومات، والانفتاح على أوساط شبابية في عمان والمحافظات تملك من المؤهلات والكفاءات ما يعطيها الحق في تولي مناصب رفيعة، وقيادة مؤسسات الدولة.
النخبة السياسية التقليدية التي شاخت وداخت، لم تستطع أن تسعف الدولة في أزمتها الأخيرة، وما تزال تعيش وتعتاش على زمن الدولة الريعية، وحان الوقت لتجاوزها، وبناء صفوف جديدة من القيادات الشابة.
الدكتور الرزاز خبر البيئة الاجتماعية الأردنية عن قرب وانخرط في نشاطاتها المختلفة، وهو يمتلك رؤية عميقة يستطيع معها أن يشخص الأزمات على نحو متقدم، ويضع أسسا قوية لانطلاق مشروع النهضة.
لسنا في المكان والزمان الذي يسمح لنا بإهدار المزيد من الفرص، إننا في مرحلة الأزمة الصعبة، ولن نخرج منها إذا لم نتكاتف معا. يستحق الرئيس المكلف أن نمنحه الفرصة لتقديم أوراق اعتماده للشعب، وبعدها فليخضع للمراقبة والمساءلة عن الأداء.

مقالات ذات صلة