موسيقى «شعر البنات».. يوسف غيشان

على الفضائيات الدعائية تجد من بين جملة المعروضات وبجانب عروض فك السحر الأسود والأزرق، تجد عروضا لشراء آلة تصنيع شعر البنات منزليا، وحسب الصورة المعروضة  أميل الى الاعتقاد بأن سعرها لا يزيد عن الـ30 دينارا.

وبما أننا في عصر المؤامرات، فإني اعتقد أن أجهزة أمنية عربية هي وراء اسباب ابتكار هذه الآلة، لغايات اقناع الناس بتصنيع شعر البنات منزليا، والكف عن الاستماع لموسيقى الباعة المتجولين.
والسبب في ذلك أن باعة شعر البنات المتجولين نجحوا تماما في توحيد الصف والنشيد الوطني، والعزف على ذات النغمة، بحيث صارت لهم هويتهم المحددة المعروفة  دون جق حكي ولا تفاصيل.
نجحوا تماما ووضعوا في خيالنا الجمعي صورتهم وصوتهم وسلعتهم ..بمجرد أصوات صادرة عن آلة عزف بلاستيكية لا يزيد ثمنها عن ربع دينار…في الواقع لا اعرف اسم هذه الآلة – إن كان لها اسم- لكنها تشبه الهارمونيكا في مبدأ عملها، فيخرج الأطفال فارعين دارعين لشراء شعر البنات ، بعد أن تكون الموسيقى قد عملت عمل المنعكس الشرطي على طريقة عالم النفس الروسي الكبير المرحوم بافلوف.
لا بل إن الآباء والأمهات يستعدون لدفع ثمن الحلوى فور سماع الموسيقى، إذ ليس هناك من طريقة لإيقاف شغب الأطفال، الا بالدفع الفوري. والخلاص من وجع الراس لعدة دقائق، على الأقل.
بالمناسبة، باعة شعر البنات هم من مختلف الجنسيات العربية، فقد يكون البائع اردنيا او مصريا أو سوريا أو خلافه، لكنهم اتفقوا جنتلمانيا على الإيقاع، بحيث لا يشذ أحد عنها منذ سنوات، والذي يشذ سيعود الى بيته حاملا شعر بناته المنكمش.
كم أتمنى أن يتم تعميم تجربة باعة شعر البنات على القوى الوطنية والحراكات الشبابية ومنظمات المجتمع المدني ، فنغني على ذات النغمة لنحدد هويتنا الوطنية العامة وكل واحد منا يبيع بضاعته على الناس بدون تخوين أو منافسة غير شريفة أو صكوك غفران.
وأدعو الى حملة وطنية لمقاطعة  آلة صنع شعر البنات المنزلية.

مقالات ذات صلة