مخاوف مصرية من تأثير ممر قبرص البحري

حرير – قال مصدر مصري لـصحيفة “العربي الجديد”، إن المسؤولين عن إدارة الملف الفلسطيني في القاهرة “يعكفون حالياً على دراسة كل السيناريوهات المحتملة الخاصة بمستقبل قطاع غزة، مع دخول الحرب الإسرائيلية على القطاع شهرها السادس، وذلك بما فيها خطة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لإنشاء رصيف بحري على ساحل غزة لاستقبال السفن من ممر قبرص البحري”.

 

في المقابل، برز ما نقله موقع صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أول من أمس الأحد، نقلاً عن مصدر سياسي رفيع لم يسمّه، أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، هو صاحب فكرة إقامة الرصيف البحري المؤقت في قطاع غزة الذي أعلن عنه بايدن في خطاب حال الاتحاد، الخميس الماضي.

عصام عبد الشافي: هناك أهداف أخرى للممر وربما يكون من بينها مخططات التهجير

وأوضح المصدر المصري، أن “هناك مخاوف مصرية، من تأثير إنشاء مثل هذا الرصيف، المرشح أن يتحول إلى ميناء بحري أكبر، على الوضع الجيوسياسي في المنطقة، بما يهدد الوضع الحالي القائم خصوصاً بما يتعلق بالمعابر الحدودية بين مصر والأراضي الفلسطينية، وخطورة أن يتحول هذا الميناء إلى محطة لإخراج سكان غزة من القطاع، بما يهدد مستقبل القضية الفلسطينية برمته”.

ولفت المصدر إلى أن “الإدارة المصرية، رغم تحفظها على الخطة الأميركية، إلا أنه لا يمكن أن تعارضها بشكل علني وصريح، نظراً إلى مستويات التنسيق العالية بينها وبين الإدارة الأميركية وشركائها في الاتحاد الأوروبي، الذين ساهموا مساهمة كبيرة وحاسمة في إنقاذ مصر من عثرتها الاقتصادية التي كادت أن تتحول إلى كارثة”.

أسباب إنشاء ممر قبرص البحري

وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري، قد استمع إلى إحاطة من نظيره الأميركي، أنتوني بلينكن، بشأن القرار الأميركي الخاص بإيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع عن طريق ممر قبرص البحري. وقال بيان للخارجية المصري إن الوزير الأميركي، أوضح أنه “يعد جهداً مكملاً لمعبر رفح البري الذي يظل المنفذ الأساسي للمساعدات”.

في السياق، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عصام عبد الشافي، في حديث لـ”العربي الجديد”، إن “مشروع الإدارة الأميركية، ليس مسلكاً إغاثياً فقط لأن الإغاثة مظلة يتم من خلالها هذا التحرك، فإذا كنا نتحدث عن مسالك إغاثية، لدينا 3 معابر برية مباشرة بين مصر والأراضي الفلسطينية المحتلة، أهمها معبر رفح الذي تتكدس فيه آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية ولا يفصل بينه وبين غزة إلا أمتار قليلة فقط، لا 430 كيلومتراً كما هو الحال بين أقرب ميناء في قبرص وهو ميناء لارنكا وقطاع غزة”.

وأضاف عبد الشافي أن “هناك أهدافاً أخرى حتى لو لم يتم الإعلان عنها، وربما يكون من بينها مخططات التهجير، لأنه في النهاية ستكون هناك طرق للنقل ما بين الجانبين، وهو ما يمكن أن يدفع الولايات المتحدة وشركاءها في هذا المشروع إلى نقل عدد من الراغبين في الخروج، بما يمهد الأرض لأية عملية برية في مدينة رفح”.

بدوره، اعتبر الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عمار فايد، في حديثٍ لـ”العربي الجديد”، أنه “من المؤكد أن الهدف من إنشاء ممر قبرص البحري، ليس الإغاثة، لأن من يريد الإغاثة، لماذا يتجاهل المعابر البرية الموجودة بالفعل؟”.

وأضاف أنه “لا أعرف تحديداً سبب التمسك بهذا الأمر، لكن من المحتمل جداً أن هدف ذلك هو خلق آليات جديدة لإدخال المساعدات، ولاحقا إعادة الإعمار، لا ترتبط بحماس أو السلطة الفلسطينية”. ولم يستبعد فايد أن يكون ممر قبرص البحري مرتبطاً بـ”شكوك إسرائيل حول الحدود المصرية الفلسطينية وقدرة مصر على التحكم فيها، والأخطر أن هذا ربما يكون مرتبطاً بفتح مسارات للهجرة من القطاع لا تستطيع مصر التحكم فيها”.

وبرأي فايد، فإن “الميناء سيكون مفتوحاً للجهة المقابلة، أي الهجرة للخارج، تحت أي عنوان إنساني مثل العلاج والدراسة والعمل، وسيوفر طريقاً مباشراً لأوروبا، ولكن هذا طبعاً بافتراض أن مخطط التهجير ستقبله أوروبا، وهو غير مؤكد، ولكن المؤكد أن حكومة الحرب الإسرائيلية لم تتخل عنه بعد”.

محاولات غربية لإرساء النفوذ في غزة

من ناحيته، لفت المحلل الفلسطيني، حسام شاكر، في حديثٍ لـ”العربي الجديد”، إلى أنه “يبدو واضحاً أن الإمارات جرى إقحامها في هذا المشروع المائي الجديد شكلياً، للحديث عن أن ثمة تعاونا عربيا في هذا المشروع، الذي يهدف إلى التعامل مع قطاع غزة في المرحلة التي تلي انتهاء الحرب، لأن أميركا والاتحاد الأوروبي يريدان أن يكون لهما نفوذ في القطاع، وأيضاً في الترتيبات المتعلقة به وبالقضية الفلسطينية عموماً”.

وكانت دولة الإمارات إلى جانب المفوضية الأوروبية وألمانيا واليونان وإيطاليا وهولندا وجمهورية قبرص والمملكة المتحدة والولايات المتحدة أصدرت قبل أيام بياناً مشتركاً تناول تفعيل الممر البحري لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة.

حسام شاكر: أميركا والاتحاد الأوروبي يريدان أن يكون لهما نفوذ في غزة

وكانت الخارجية الفلسطينية، قد اعتبرت في بيان أن “تركيز إسرائيل على إعطاء الموافقات على فتح ممرات بحرية ومنع مرور المساعدات براً عن طريق المعابر، هدفه تطبيق خطة الحكومة الإسرائيلية لتكريس الاحتلال والفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة وتهجير أبناء الشعب الفلسطيني”.

من جهته، قال أستاذ القانون الدولي العام، أيمن سلامة، في حديثٍ لـ”العربي الجديد” إن “إسرائيل دأبت على عرقلة سير المساعدات الإنسانية التي تصل للقطاع عبر معبر رفح، ووصل الأمر إلى قصف الممرات والطرق من الجهة الفلسطينية لمعبر رفح، وذلك لحرمان الفلسطينيين من هذه المساعدات، لذلك يُعدّ الاتفاق على ممر قبرص البحري وتشغيله، تحدياً دبلوماسياً معقداً، لأن إسرائيل قد تعمد إلى عرقلة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة عن طريق البحر، كما دأبت على ذلك من خلال البر”.

 

مقالات ذات صلة