غزة .. الشعب والمقاومة

حاتم الكسواني

إن المتأمل بكل الصور التي تتشكل في غزة يدرك بما لا يترك مجالا للشك بأن صمود المقاومة وعزمها وقوتها ما كان ليكون لولا تأييد الشعب الفلسطيني في غزة لها وإستعداده للتضحية والفداء .

فالفلسطينيون في الوطن المحتل يدركون بأن هذه المعركة هي معركة لا يجوز فيها إلا الصمود والنصر مهما غلت التضحيات ، فهي المعركة التي  سينبلج بعدها الفجر بعد 75 عاما من الآلام والتضحيات الجسيمة و الظلام الدامس ، كما يدركون بان هذه هي المعركة الأخيرة التي تؤدي أو لا تؤدي  إلى ولادة الدولة الفلسطينية الفتية    .

فكلما طال أمد المواجهة بين الفدائي المقاوم والنازي الصهيوني المستعمر ستتشكل القناعة أكثر وأكثر لدى مزيد من القوى السياسية العالمية بضرورة بدء مسار سياسي   يفضي إلى ولادة  الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة …فحتى الآن هناك أكثر من 90 دولة في العالم تؤيد هذا الخيار ، بل إنها تفكر بالإعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة الممثلة في هيئة الأمم المتحدة كعضو كامل العضوية .

ولأن  المقاومين من حماس وسرايا القدس وباقي الفصائل الأخرى ما قاموا بما قاموا به في السابع من أكتوبر إلا  مدفوعين للدفاع عن مقدساتهم و شعبهم ،  والتخفيف من معاناته التي عاشها  طوال سنوات  الإحتلال الصهيوني الذي تمثل  بالعسف اليومي بهم  قتلا  ، وتهجيرا ، وهدما للمنازل،  وسرقة للأرض والتراث ، وتضيقا  إقتصاديا ودينيا وإجتماعيا ،   و تضييقا  في كل أسباب الحياة عليهم  .

هذا كله كان دافعا لشعب غزة  لتأييد مقاومتهم الباسلة و لتشكيل حاضنتها التي لا تلين .

وبهذا  اضحت المقاومة في غزة تتحرك في بيئة شكلت  الجماهير فيها  غابة المقاومة  وحصنها الحصين الذي شارك في صنع قوتها ..   بحفر انفاقها ، و التستر على عناصرها ،  وتحمل كل الأذى الذي يصيبها نتيجة المواجهات المتعددة التي تكررت بين المقاومة والعدو الصهيوني :

وتتكرر حالة الفداء للمقاومة وتأييدها من القواعد الشعبية

ففلسطيني من نابلس، عرض عليه مبلغا كبيرا مقابل بيع  منزله وعندما رفض ذلك  قام الإحتلال  بهدمه فقال  : “بيوتنا فداء لغزة والمقاومة والشهداء.

وكل أبناء غزة الذين وقفوا فوق ركام منازلهم التي يرقد شهدائهم تحت انقاضها يتحسبون الله على جرائم الإحتلال ضدهم ويقولون : بيوتنا واموالنا وارواحنا فداء للمقاومة ولفلسطين .

حتى أطفالهم يجهرون بحبهم لحماس،ولفلسطين وارضها

شبابهم يخرجون من تحت الإنقاض وهم يهتفون: نحن أبطال.. نحن غزة .. الشهداء يرحمهم الله وسيأتي غيرهم ليكملوا مشوار النصر .

شعب غزة شعب أعد عقائديا  بعناية فائقة  للتحمل والفداء ، ورغم شح الماء ونقص الغذاء والدواء يقولون : لا يوجد ماء ولايوجد دواء ولا يوجد طحين ولكننا صامدين ،ثابتين ولن نرحل يا إسرائيل .

وحتى اليوم بائت محاولات الإحتلال لشق صف تأييد شعب غزة لمقاومتهم بالفشل ،فعندما حاول الإحتلال الإتصال مع وجهاء عائلات في قطاع غزة  بواسطة مسؤولين أمميين باجتماع تم معهم اليوم الأربعاء رفض الوجهاء  أي تعاون مع الإحتلال  إلا عبر الحكومة والأجهزة الأمنية لحماس في القطاع .

ويبقى القول الفصل بأن نصر المقاومة مستمد من صمود وتضحيات الشعب ، الذي قدم أبنائه وامواله وكل قدراته العلمية ، و كل خبراته ومخزونه القيمي  في تربية أجيال لاتعرف سوي التطلع للحرية والتحرير مهما غلا الثمن ، فقاتلوا  منظمين ، وذئاب منفردة وارواحهم فوق اكفهم غير آبهين بالحياة وزيفها ، بل آملين بالشهادة وعلو شأنها في الحياة وعند الله .

 

مقالات ذات صلة