غزة على شفير الهاوية، فهل من منقذ؟

الدكتور مهند عبد الفتاح النسور

** المدير التنفيذي الشبكة الشرق أوسطية للصحة المجتمعية ( امفنت)

لم يعد خفيا على احد ما يحدث في غزة ، اذ اصبح المشهد هناك مالوفا في كافة انحاء العالم، القتل والدمار يحدث كل يوم، والنزوح من مكان الى اخر عدة مرات طلبا للامان من الموت اصبح سمة حياة للغزيين، اذ ان ثلاثة ارباع سكان غزة اصبحوا نازحين، ولا زالت عجلة الحرب دائرة حتى فاق عدد الشهداء  30000 و اكثر من 70000عدد الاصابات بين الغزيين ، وان كل المؤشرات تشير الان الى ان الامور تسير الى الاسوا، وان الحل الوحيد هو وقف القتل والدمار المتعمد الذي يتم دون مراعاة للانسانية , ناهيك عن جملة من الاخطار التي تفتك بصحة الناجين من اثر العدوان الحالي والمستمر والذي ادى اضافة الى مجموعة من الاخطار الصحية المباشرة على الغزيين، فقد ادى انعدام الامن الغذائي نتيجة الحصار الى تبعات كارثية على صحة الغزيين وخصوصا الاطفال منهم والحوامل والمرضعات،  مما ادى الى ارتفاع حاد  في سوء التغذية بين هذه الفئات، وهذا بات يذكرنا بما عانى منه العالم ابان الحرب العالمية الثانية،  اذ ان طفل من كل ستة اطفال يعاني من نقص التغذية الحاد اي ما يعادل 16% ، و 5% من اطفال رفح يعانون من سوء التغذية الحاد، و 70% من الاطفال في غزة يعانون من الاسهال الحاد خلال الاسبوعين الماضيين اي بما يقارب 230 ضعفا مقارنة مع نفس الفترة في السنوات السابقة وهذا الوضع الخطر يشمل كافة ارجاء ومناطق غزة بعد امتداد فترة الحرب الزمنية المستمرة لغاية الان، ولا نستطيع ان توأمة الجوع وفتك الامراض السارية  التي تشكل حالة خطرة وفتاكة للاطفال والحوامل والمرضعات وكبار السن والغزيين جميعا في المجمل، وان التعرض المزمن للجوع يؤدي في النهاية الى جسم هزيل ضعيف المناعة يكون عرضة للامراض المختلفة والوفاة في النهاية، وايضا في حالة الاصابة بالاسهال الحاد يمنع امتصاص المواد الغذائية المهمة للانسان وبالتالي يزيد من ضعف المناعة لديه وهي نتيجة تزيد ايضا من خطر الوفاة، واننا نشعر بالاسف بان نرى اناس يموتون من الجوع،  يموتون موتا صامتا في هذا الوقت من الحضارة البشرية والقوانين الدولية وان هذا بكل ما يحويه من نكسة للبشرية و ما يحدث هناك في غزة  سيبقى وصمة عار في تاريخ البشرية ، ومما يفاقم هذه الكارثة في الوضع الصحي النقص الحاد في المياه الصالحة للشرب ولانعدام شبكة الصرف الصحي نتيجة للدمار الذي طالها، فلم يتبقى الا خط مياه واحد يعمل بطاقة متواضعة بلغت 47% في ظل توقف جميع محطات تحلية المياه في شمال غزة، اما بالنسبة للامراض السارية فهي لا زالت تنتشر وتزداد خطورة وتغولا على الغزيين، فقد سجلت اكثر من 300000 اصابة لالتهاب التنفس الحاد اما بالنسبة للاسهالات والتهاب الجهازالمعوي فقد سجل حوالي 250000 اصابة نصفها من الاطفال تحت سن 5 سنوات، وهنالك ايضا زيادة مضطردة في الامراض الجلدية وذلك لقلة المياه النوعية وللاكتظاظات في اماكن الايواء والنزوح ، وكلنا  هنا خشية على ما يحدث لبرامج التطعيم الروتينية وتوقفها مما يشكل خطرا قد تمتد اثاره لسنوات على صحة الاطفال، ولا نستطيع اغفال تفشي التهاب الكبد A الذي يحدث نتيجة لشح المياه والمواد الغذائية الصالحة للاكل، اما بالنسبة للتبعات الكارثية للنقص في ايصال الوقود الذي يعد احد اهم المحاور لدورة عجلة الحياة وخصوصا القطاع الصحي فاصبحت واضحة ولا لبس فيها، اذ ان هنالك  12 مستشفى تعمل فقط ، 6 في شمال القطاع و6 في جنوبه من اصل 33 مستشفى في عموم القطاع، اضافة الى ثلاثة مستشفيات ميدانية، اما بالنسبة للمراكز الصحية فهنالك 7 مراكز عاملة من اصل 23 مركز صحي ، وهذا كله يحدث بسبب استمرار العدوان والحصار وشح وصول الامدادات ومنع مؤسسات الاغاثة من تقديم مساعداتها الاغاثية وينذر بازدياد الارقام في الاصابات والامراض والوفيات، فهي كارثة انسانية بامتياز شكلتها الحرب الدائرة في غزة والتي لا نعرف متى ستنتهي ، فهل من منقذ؟

 

 

مقالات ذات صلة