مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردنية.. د. رحيل محمد غرايبة

كل العالم يدرك أهمية الاعلام و دوره العظيم في بناء المجتمعات و توجيهها و تعبئتها، و في بناء الثقافة الجمعية، و في عملية التواصل الانساني، بالاضافة الى دور الاعلام الأكثر خطورة في حالات الحروب و المواجهات التي تتعرض لها الدول و المجتمعات، بحيث يعظم الأثر في عمليات التأثير في الخصم على الصعيد النفسي و المعنوي، بالاضافة الى الدور المقابل في تحصين المجتمعات ضد الحرب النفسية التي يشنها العدو، و من أجل ذلك فان الدول تخصص نفقات كبيرة على المؤسسة الاعلامية وعلى اعداد الكفاءات المختصة في هذا المجال بالاضافة الى امتلاك الادوات و الوسائل الاكثر سرعة في توصيل المعلومة و الاكثر قدرة على جذب الانتباه.

 التلفزيون و الاذاعة هما وجه الوطن و لسانه الناطق على الصعيد الداخلي و الخارجي معا؛ ما يقتضي ان يتم ايلاؤهما كامل الرعاية و الاهتمام حتى يكونا قادرين على تحقيق التواصل المطلوب بين الشعب و القيادة على نحو سليم و متطور، و هذا يعني بعبارة اخرى دقة الاختيار في الكوادر و القيادات التي تتولى هذه المسؤولية العظيمة وسلامة المعايير المعتمدة في التعيين، و لكن يبدو في مرحلة من المراحل تعرضت هذه المؤسسات للترهل، و أصبحت مليئة بالتعيينات على طريقة الشللية و المحسوبيات والوساطات الى درجة ان هناك اشقاء معينين في المؤسسة بطريقة تخلو من معايير الجودة، بالاضافة الى الحمولة الزائدة في الحشو و التعيين الذي يحتاج الى اعادة نظر.
ولقد اطلعت مؤخرا على احوال هذه المؤسسة من خلال زيارة للادارة الجديدة، فوجدت ما يثلج الصدر من حيث الهمة و النشاط و العزيمة على احداث نقلة عظيمة ونوعية في تحديث المؤسسة و تطويرها و اعادة تاهيلها على صعيد الشكل و المضمون، و لقد استطاع الشاب الطموح (فراس نصير) ان يحدث ثورة داخلية ناجحة في هذا المضمار على صعيد تحديث الاجهزة و الادوات، و تجديد المبنى من الداخل، و اعادة تاهيله بطريقة ذاتية و باقل الكلف المادية ضمن موازنة المؤسسة القليلة نسبيا، بالاضافة الى تشجيع الابداع الذي ظهر جليا في الشاشة و الاطلالة و استحداث البرامج الجديدة و تعميق الصلة مع الواطنين من اجل ترجمة الشعار القائل : نريد اعلام دولة و ليس اعلام حكومة.
نحن نود من دولة الرئيس ان يولي هذه المؤسسة الوطنية الرائدة عناية كبرى و ان يقف على احتياجاتها، و يلبي طموحات الادارة الجديدة على طريق بناء اعلام وطني حقيقي رسالي، يحمل الهوية الاردنية ويعبر عن هموم الشعب الاردني و يلامس هواجسهم و يجيب على تساؤلاتهم بوضوح واحترام وقوة و جراة و مصداقية بعيدا عن الاعلام الحكومي المرعوب الذي يلاحق نشاطات الرجل المسؤول فقط، ويكيل المدح لكبار القوم، و هذا يحتاج الى مسارين :
· المسار الاول يتمثل باستقلال المؤسسة عن ديوان الخدمة المدنية في اطار التوظيف و اختيار الكفاءات وجذب التخصصات واستقطاب المهارات.
· المسار الثاني تشجيع العاملين في المؤسسة عن طريق زيادة الحوافز و المكافات و الرواتب، و تقليل الفجوة الهائلة بين العاملين فيها وبين العاملين في مؤسسات موازية تصل الى عشرة اضعاف.
اعتقد ان المصلحة الوطنية تتمثل برفع سوية مؤسسة الاذاعة و التلفزيون وتطويرها وتحديثها وتحسين ادائها ورفدها بالقيادات الاعلامية ورفع موازنتها،وليس باضعافها و تفريغها من الكفاءات و الامكانات والادوات.

مقالات ذات صلة