هل نحن ضفادع بشرية؟.. يوسف غيشان

نحن، شعب ، لا بل شعوب وقبائل، تموت في التشبيه الضمني، وتطلق النار لغويا على الأقل، بواسطة التشابيه الضمنية المضللة…فالبعوضة تدمي مقلة الأسد، والرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، ومن يطلب الحسناء لا يغلبه المهر، ولا بد دون الشهد من ابر النحل …وما الى ذلك من تشبيهات تعسفية نستخدمها  في أي مكان وزمان.

قيل: « ضع ضفدعا على كرسي من الذهب، سيقفز الى المستنقع»،وهو قول صادق حرفيا كاذب معنويا ، بالتأكيد سيقفز الضفدع الى أقرب مستنقع ، حيث سيجد الأصدقاء والطعام المناسب،ناهيك عن القدرة على ممارسة النقيق الجماعي وابتلاع الحشرات عن طريق اللسان المقلوب .
يريد أصحاب هذا القول أن يوصلوا للسامع فكرة أن هناك من لا يستحق العز ولا الاحترام ولا الثراء، ولا
ما يشابهها من الأفعال ، التي ينبغي أن تنحسر وتنحصر في طبقات، لا بل في شرائح اجتماعية محددة،ينبغي عدم الاعتداء على امتيازاتها، أو محاولة الوصول اليها  في عليائها،من قبل آخرين من طبقات وشرائح اجتماعية أدنى.
الضفدع كائن ينتمي الى المستنقع ، وهذه بيئته الطبيعية التي لا يستطيع العيش بدونها، ولا ينفعه كرسي الذهب ولا أساور الألماس، ولا أرقام الحسابات البنكية في سويسرا وجرز الباهاما، يريد أن تحلوا عنه ، وأن تتركوه في المستنقع..بيته الأليف وبيئته الصديقة.
أما الإنسان، فهو لا ينتمي الى البؤس أبدا، والذي جعله في مستوى أقل من الآخرين هو الصراع الاجتماعي، وهو صراع دائم الحركة ودائب البحث عن المتميزين . الإنسان الذي يبذل الجهد يحق له اعتلاء كراسي الذهب ، والوصول الى  مستويات أرقى، وهو بالتأكيد لن يقفز في المستقع ، بل سوف يتمسك بكرسيه، ويحاول أن يستخدمة سلّما للوصول الى مستويات اعلى ..وهذا سر التقدم البشري والطموح الإنساني، ولولا هذا النزوع، لكان الإنسان ما يزال قردا يتنطنط على الأشجاز مثله مثل غيره من الحيوانات .
من يطلق هذا القول ينوي تثبيت الواقع والتمسك بامتيازاته ، والإيحاء بأن الآخرين لا يستحقونها، ولا يستحقون الحصول عليها، ولو منحتهم إياها على سبيل الهدية، فهم سيقفزون الى وحل مستوياتهم الأدنى..وهذا قول غير صحيح إطلاقا، وتكذّبه جميع وقائع التقدم البشري الطبيعية.

مقالات ذات صلة