ما حاجة الشعر والشعراء قد رحلوا ؟!

(في رثاء العم العزيز فارس الكلمة الشاعر عارف المرايات، عليه شآبيب الرحمة والمغفرة)

ولأنك جنوبي أدركت معنى أن تبيت البطون خاوية فأطعمتها؛ نرثيك…!
ولأنك سيد الكلمة وفارسها؛ نكتب عنك وإليك على خجل…!
ولأنك في حضرة الملوك كنت شهما كريما طيبا؛ نستميحك العذر في أن نكون لك شيئا…!
لقد كنت لنا بياضا حين كانوا سوادا حالكا، لكنك تعجلت الرحيل كثيرا…!
لقد سامنا الثَّكل، وروَّع بالنا، وقلَّ عتادنا، وقد كنت رصاصة للوطن… كيف لا؟! وأنت الشاهد على معادن الرجال…!
أيها الجنوبي المتلحِّف بعباءات الشموخ، ما كان لك أن تتعجل الرحيل، وما كان لك أن تترك فينا هذا الجرح… وأي جرح؟! وما ضرك لو همست لي قبل هذا، وأنت تدرك أن كتفي يشتدّ إذا ما ربتَّ عليه؟!
من يغني لزيتون الطفيلة وتينها بعدك؟! ومن يرسم لنا تلك البسمة؟! ومن يُسمعنا صوت الجنوب؟!
قل لي بربك هل _حقيقة_ غادرت كما يغادر الشعراء؟!
عارف، يا وجع الطفيلة، ويا صليل سيوف الفرسان في حد الدقيق، ويا عقال الرأس…
سقيا لقبرك ودموع الرجال عادت محاجرها… سقيا لقبرك في جنوبك الذي أحببت…
عارف، يا قِبلة الوطن، ويا محراب عُبَّادها…
سنكتب للتاريخ أنَّ سَواديا من بلد الجبال ترك شيئا جميلا للوطن، وسنضع بين ثنايا التاريخ أنه ولد كريما، وعاش كريما، ومات كريما لم يخن وطنه…!! سنكتب نحن ذلك..!!
لعلي حين أستيقظ صباحا أجد أن هذا كان حلما!! حلما يجلي عن صدري شيئا قليلا من كثير يجثم عليه، وفي النفس عتب وملامة؛ فالموت يؤلم الأحياء..!
العم العزيز “أبو علاء” أدرك تماما أنك أحببتها مني، وأنا كنت أقصدها_والله_ لكنه الموت لا يزال يؤلم الأحياء… سأبحث عنك في كل محفل؛ لعل موتك يكون أكذوبة..! أكذوبة كأكاذيبنا العربية… سأنتظر _طويلا_ قدومك؛ لتقول لي: “ما شاء الله عليك” أريدها منك؛ لأنك كنت تقولها بحق!! وأنا موقن أن الكرام لا يموتون!!
سأنتظر الصباح على وجل…!
لماذا كل الذين نحبهم يموتون؟!!
لروحك الطاهرة الرحمة، ولثرى الطفيلة الذي احتضنك الهناء.
دعاؤنا لك الفردوس الأعلى من الجنة، وقد سرت في ركاب الخيرات.
د. سالم الفقير #الجنوبي
لستٍ مَضَين من شباط من عام رحيل العم عارف المرايات، عليه شآبيب الرحمة.

مقالات ذات صلة