ماذا قال كوشنير للأردن عن «الأونروا» و«اللاجئين»؟.. عريب الرنتاوي

كشفت دورية «فورين بولسي» في عددها الأخير، فصلاً مما يدور في عقل صهر الرئيس الأمريكي المكلف بـ»صفقة القرن»، حول قضيتي «الأونروا» و»اللاجئين»، وذلك بالاستناد إلى ما احتواه بريده الالكتروني من رسائل كان بعث بها لمسؤولين في الإدارة وللموفد الأمريكي جيسون جرينبلات والسفير فريدمان، تستبطن أسواء أشكال التآمر على الشعب الفلسطيني اللاجئ وأعلى درجات الانحياز والاستتباع، لليمين الإسرائيلي المتطرف.

كوشنير يستنفر المسؤولين في الإدارة، العمل ما بوسعهم لتعطيل عمل الأونروا والتشويش عليها، واتهامها بالفساد، وبكونها مظلة للتنظيمات الإرهابية … كوشنير يعلن الحرب على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، لأن مجرد وجودها يفضي إلى تعطيل مسار السلام (لكأن هناك سلاماً أو مسارا)، وتكريس الجمود، لينتهي للتشديد على ضرورة وقف أي شكل من أشكال التمويل الأمريكي لهذه الوكالة الإنسانية، التي ترمز لقضية اللجوء وحق العودة سواء بسواء.
لا يخفي كوشنير رغبته في طي صفحة هذا الملف، وهو تعهد، وفقاً لـ «الفورين بوليسي»، بتحويل الدعم الأمريكي للوكالة (300 مليون دولار) للدول المضيفة، وبشكل خاص الأردن، كونه يستضيف أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين، وهو كشف أنه عرض على المسؤولين الأردنيين في جولة له في المنطقة في حزيران/ يونيو الماضي، نزع صفة «اللجوء» عن أكثر من مليوني لاجئ مسجل على كشوف الاونروا، نظير الحصول على بعض أو كل هذه المخصصات المالية.
إلى جانب ذلك، يعمل كوشنير، من ضمن فريق واسع، بقيادة اللوبي الصهيوني في الكونغرس، على سن تشريع أمريكي، يسقط صفة اللجوء عن أبناء وأحفاد اللاجئين، ليُبقى أعدادهم محصورة فيمن تبقى منهم على قيد الحياة، من أبناء الرعيل الأول، وهي أعداد تتناقص باطراد، بفعل الوفاة الطبيعية، مراهناً على أن عامل الزمن كفيل بحل مشكلة اللاجئين، دونما حاجة لمفاوضات واتفاقات ووكالات دولية وتعويضات، دع عنك حق هؤلاء في العودة إلى ديارهم الأصلية التي شُرّدوا منها… وهذه مسألة تمس مصلحة الأردن في الصميم، ولم نسمع حتى الآن، أي قول رسمي بهذا الصدد.
والحقيقة أن ما كشفته «فورين بوليسي» سبق وأن تم تداوله همساً على هامش التسريبات التي رافقت التحضير لـ»صفقة القرن»، حيث قالت مصادر لبنانية رفيعة أنها تلقت من «نظراء أردنيين» معلومات مفادها، أن واشنطن حسمت أمرها، لا بشأن إسقاط حق عودة اللاجئين الفلسطينيين فحسب، بل وإهدار حقهم في التعويض عن ممتلكاتهم ومعانتهم طيلة أزيد من سبعين عاماً… والمصادر في حينه أكدت، أن الجانب الأردني «نصح» نظيره اللبناني بالاستعداد لمرحلة هذا هو عنوانها الرئيس.
مشكلة اللبنانيين مع ملف اللجوء الفلسطيني لم تعد بتلك الدرجة من التعقيد، بعد عمليات النزف المتلاحقة التي ضربت المجتمع الفلسطيني هناك، ولم تُبق سوى ما يقرب من المائة وسبعين ألف لاجئ فقط، وهي اليوم مشكلة «سياسية» / سيكولوجية / رمزية، أكثر منها مشكلة حقيقة تهدد توازن لبنان الديموغرافي الدقيق.
لكن الحال يختلف في الأردن تماماً، فهناك أكثر من مليوني لاجئ مسجل على كشوف الاونروا، وهناك مئات ألوف اللاجئين غير المسجلين، وهناك مئات ألوف الفلسطينيين المقيمين، بلا جنسيات أو أرقام وطنية، ما قد يضاعف العدد الإجمالي للفلسطينيين في الأردن … هنا المشكلة الأكبر، التي يبدو أن كوشنير، لا يقيم لها وزناً، ويريد «شراء» حلٍ لها وفقاً للمواصفات والمقاييس الإسرائيلية، وببضع مئات من ملايين الدولارات، كانت الولايات المتحدة، تنفقها بانتظام لدعم عمل وكالة الغوث الدولية.
لا أدري إن صحت معلومات الـ «فورين بوليسي»، ولما لا يتحدث المسؤول الأردني عن هذه المعطيات، وهل صحيح أن كوشنير فاتح محدثيه الأردنيين بهذه المسألة أم لا، وكيف جاء الرد الرسمي الأردني على هذه الاطروحات … مرة أخرى نقع في «مطب» نقص المعلومة وغياب الشفافية، ونجد أنفسنا مرغمين على  الاعتماد على المصادر الأجنبية للأخبار عن أحوالنا، في غياب تام للرواية الرسمية.

مقالات ذات صلة