حالة البلاد يناقش ملفات التنمية السياسية واللامركزية والثقافة

واصل المجلس الاقتصادي والاجتماعي اليوم السبت، مناقشة محاور تقرير حالة البلاد من خلال ثلاث جلسات على التوالي أدارها رئيس المجلس الدكتور مصطفى الحمارنة.
وشهدت الجلسة الأولى التي جاءت بعنوان: التنمية والإصلاح السياسي، حوارا صريحا تركّز على ما ورد في تقرير حالة البلاد في محور التنمية السياسية وتشخيص ملامح الإصلاح السياسي في البلاد من حيث مدى التقدم والتراجع في الحياة السياسية.
وقدم المشاركون مداخلات وتوصيات لإثراء محتوى التقرير، أكدت ضرورة زيادة الحوار والتواصل الإيجابي بين كافة الأطراف المعنية بالتنمية السياسية في الأردن للوصول إلى حلول متوافق عليها من الأطراف كافة، وتعزيز مفهوم التنمية السياسية داخل المجتمع.
وأكد الحضور أنّ العمل الحزبي ضرورة قصوى للدولة الأردنية لتأسيس مرحلة جديدة من العمل الديمقراطي، داعين للابتعاد عن مبدأ المحاصصة والهويات الفرعية، وتكريس مبدأ المواطنة والدولة المدنية والقانون والمؤسسات والمساواة والعدالة.
وطالبوا بإجراء مراجعة مستمرة لكافة القوانين والتشريعات الناظمة للحياة السياسية في الأردن، منها قانون الانتخاب، قانون الأحزاب، على ضوء التوجيهات الملكية الواردة في الأوراق النقاشية الملكية التي اعتبروها إصلاحية وحداثية، وسيكون لها أثر كبير في تطور الحياة السياسية في البلاد إذا ما طبقت على أرض الواقع.
كما طالبوا بتعزيز الروابط بين كافة المؤسسات التي تساهم في دعم مسيرة التنمية السياسية، وانتهاج أسلوب الحوار الإيجابي لحل كافة القضايا المتعلقة، مشيرين الى ضبابية في التعاطي مع المؤسسات السياسية بما فيها الأحزاب.
ولفتوا إلى ضرورة أن تتمتع القوانين والأنظمة والتشريعات بالحيادية والموضوعية لما لها من أثر كبير في تقدم مسيرة التنمية السياسية أو تخلفها، والحدّ من التدخلات الحكومية في عمل الأحزاب وإيجاد الطرق التي تمكّن الأحزاب من الوصول إلى البرلمان؛ من خلال عدم التدخل في عمل الأحزاب، وتعديل القوانين لتمكين الأحزاب وزيادة الوعي المجتمعي بأهميتها.
وطالبوا بتضمين التقرير جملة من التوصيات، أبرزها أنّ قيام الدولية المدنية يتطلب أسس ديمقراطية عادلة وواضحة ذات برامج تنفيذية محددة للوصول إلى مجتمع مدني حقيقي تنعكس ممارساته على المواطن، الأمر الذي يتطلب تطوير العمل الحزبي والانتقال به إلى مرحلة البرامجية المرتبطة بأطر زمنية محددة تخضع للمراقبة والمساءلة وإيجاد التوافق على أساسيات العمل السياسي، منها القوانين والتشريعات المتطورة التي تواكب الحياة السياسية في الأردن للوصول إلى مجتمع ديمقراطي مدني؛ بالإضافة إلى أهمية الحدّ من المخاوف الحكومية من الحراكات السياسية، بإعطاء المزيد من الحريات العامة لتلك الحراكات لتفادي وصولها إلى مرحلة اليأس الذي يدفعها للبحث عن منابر جديدة، ومنها مواقع التواصل الاجتماعي أو الساحات.
ونوهوا بأهمية توفير الدعم المادي والمعنوي للعمل السياسي لتقديم الحلول للقضايا الوطنية الرئيسية من خلال برامج واضحة ومحددة ودعم التكتلات الكبيرة ومأسستها لتصبح أحزابا سياسية كبيرة قادرة على التأثير وتشكيل الحكومات في المستقبل.
وأوصى الحضور بتعزيز تجارب الأحزاب في المحافظات، وتفادي تركزها في العاصمة للمحافظة على الهوية السياسية الأردنية، ودراسة الأسباب الموضوعية والتاريخية وراء عزوف مكونات المجتمع عن العمل السياسي وتقديم الحلول العملية.
ومن هذه الحلول دعم دور الجامعات الأردنية لمرحلة التحول نحو الدولة المدنية، ومراجعة عادلة للوضع القائم للحقبة السياسية في الأردن، وإيجاد الحلول لضعف الإرادة السياسية والحدّ من الالتفاف على الإصلاح السياسي في البلاد، وتعزيز دور النقابات في التنمية السياسية؛ بالإضافة إلى زيادة جهود المرأة الأردنية والشباب في العمل السياسي.
وثمنوا الخطوات المتقدمة التي تم تنفيذها، ومنها إنشاء المحكمة الدستورية وهيئة الانتخاب وغيرها من الخطوات الإصلاحية، مطالبين بقانون انتخاب حداثي للوصول إلى برلمان سياسي حزبي، يفصل الخدمي عن السياسي خاصة بعد إقرار قانون المجالس المحلية
واللامركزية وإجراء الانتخابات وانتخاب أعضاء للمجالس يتمثل دورهم الأساسي بتوفير أفضل الخدمات للمواطنين.
وخلال الجلسة التي خصصت لمحور اللامركزية، أشار المشاركون إلى أنّ فكرة مجالس المحافظات لم تكن جاذبة للنخب والرموز السياسية والحزبية كما هي عليه في مجلس النواب.
واكدوا أهمية أن تكون مجالس المحافظات ذات صلاحيات رقابية على الأجهزة التنفيذية في المحافظة، وتعظيم الدور البلدي وإعادة الصلاحيات التي كانت ضمن مهام البلدية في السابق من مركز الوزارة، مشيرين الى ان الهدف من اللامركزية هو إعادة الخدمات للمحافظات ليعود مجلس النواب لممارسة الدور الرقابي والتشريعي في العمل النيابي.
وأشار عدد من أعضاء مجالس المحافظات إلى أنّ قانون اللامركزية لا يلبي الطموح؛ وهو بحاجة إلى تعديل جوهري لتطويره وزيادة رصانته وتفعيله مع تفسير واضح لمفهوم اللامركزية في القانون.
وبيّن الحضور وجود قوى شد عكسي أفشلت اللامركزية وحدّت من صلاحيات القانون وصلاحيات مجالس المحافظات ما اسهم في تغوّل صلاحيات المحافظ والمؤسسات والوزارات ومجلس النواب على مجالس المحافظات.
وأشاروا إلى أهمية أن تسبق عملية تطبيق اللامركزية والحكم المحلي وجود مخطط شمولي لكل محافظة، مع ضرورة أن يرافق ذلك تأهيل الكادر الأمني في المحافظات ليدعم الجانب التنموي مع إيجاد هيكلية إدارية ووصف وظيفي جديد.
واجمعوا على ضرورة تنازل الحكومة والوزراء في المركز عن بعض الصلاحيات لمجالس المحافظات.
ولصغر مساحة المملكة وعدد سكانها القليل نسبياً، اقترح بعض الحضور أن يكون المجلس على مستوى الإقليم، وليس على مستوى المحافظة، وأن تكون الانتخابات للامركزية والنيابية القادمة معاً، وأن يكون قانون انتخاب واحد لكليهما، وأن تكون الانتخابات على القائمة النسبية.

وخصصت الجلسة الثالثة للمشهد الثقافي، بمشاركة وزيرة الثقافة بسمة النسور التي طالبت بتوحيد الجهود لدعم الثقافة في جميع مجالاتها.
وأكدت أنّ هدف الوزارة تطوير العمل وتعزيز القيم المتعلقة بالإبداع وحرية التعبير، وأنّ التقرير الصادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي شكّل عرضا تاريخيا مهما لقصة الثقافة في الأردن، مع بعض التحفظات على ما ورد فيه، مشيرة إلى شح الموارد بسبب ضعف ميزانية الوزارة والتي تصرف بمجملها على الرواتب.
واتفق المشاركون مع الوزيرة النسور على أنّ أكبر التحديات التي تواجه الثقافة تتمثل بضغط الهويات الفرعية، وضعف الدولة، والفكر السائد، والتهم التي توجّه إلى بعض فروع الثقافة مثل الموسيقى والغناء والدراما، والتطرف والإرهاب الفكري ورفض فكرة التنوع وقبول الآخر.
وأشار الحضور إلى أنّ حال الثقافة في الأردن ليس بهذا السوء الذي طُرح في التقرير، موضحين أنّ الجانب الثقافي أُهمل في أجندة الحكومة ومجلسي الأعيان والنواب، وأنّ المؤسسات الناجحة في مجال الثقافة هي التي وجدت دعما ماليا، والمشهد الثقافي بحاجة إلى سياسة على أعلى المستويات تدرك أنّ الثقافة لها تأثير على الاقتصاد والتنمية الاجتماعية والدين والسلوك، ولا يجوز فصلها عن السياسة، كما أنّ أزمة الثقافة أزمة تربوية.
وطالبوا بالتركيز على التجارب المحلية الناجحة في قطاع الثقافة داخليا وخارجيا، والاستفادة منها في تقوية هذا القطاع، والبحث في جدوى الأثر لكل ما من شأنه التأثير في المجتمع عبر السنوات، وإعداد قاعدة بيانات تتضمن جميع الفنانين والمثقفين.
وأوصوا بوضع خطة شاملة للثقافة بجميع مجالاتها على مراحل بحيث تحدّد فيها الأولويات، ويشتبك فيها القطاعان العام والخاص، وزيادة التمويل لقطاع الثقافة، بفرض فلس على كل لتر محروقات وإعادة تفعيل قانون صندوق دعم الثقافة، وإيجاد مؤسسة تعمل على تنظيم العمل الثقافي، وإيجاد هيئة مستقلة لدعم الثقافة، وضرورة المساءلة والمتابعة والتقييم وتوجيه دعم الإبداع الحقيقي بناء على مؤشرات أداء واضحة، وإيجاد قانون لحماية الكتّاب، وبخاصة كتّاب الرواية، وضرورة إعداد مشروع الذخيرة الإلكتروني الذي يسوق المثقف الأردني والثقافة الأردنية عالميا.
وشارك في الجلسات نخبة من الوزراء والنواب السابقون والأمناء العامون للأحزاب وأعضاء المجالس المحلية والنشطاء السياسيون والمثقفون والأمين العام للمجلس الاقتصادي والاجتماعي.
–(بترا)

مقالات ذات صلة