دراما تؤخر ولا تقدم

كتب حاتم الكسواني

إن المتتبع للأعمال الدرامية التي تعرضها محطات التلفزة العربية يدرك تماما بان الأعمال الدرامية اما انها تراوح مكانها من حيث أهدافها  وجودة إنتاجها او انها تتراجع  ، وإذا أردنا ان نجافي الحقيقة فنقول بانها تتقدم تقدما سلبيا تمثل في إتقان تنفيذ صور العنف والقتل وبناء المثل السيئ في التعامل مع الخصم بجرجرته والكيد له و تعذيبه او قتله .

إن جملة الأعمال التي نشاهدها لم تخرج عن طرح موضوع سيطرة الفاسد على مقاليد الحياة ، سواء كان العمدة او كبير الحارة او كبير النجع  او البلطجي او المتنفذ في جهاز امني ولم تخرج ايضا عن إطار  السيطرة الابوية على صعيد العلاقات الأسرية المتمثلة في رب الاسرة او  الزوج او سيطرة الذكور على الإناث بشكل يضرب عرض الحائط بكل الأماني الإنسانية التي املنا ان تقوم الدراما ببنائها ، فاين حلمنا بمجتمع ديموقراطي و اسرة متحابة متحاورة ، اين امانينا في وحدة الحي والقرية والمدينة والمجتمع على هدف واحد في مواجهة قوى الشر والمتربصين بقيمنا واعرافنا و ثوابتنا الوطنية  ، اين امانينا في الوصول الى مجتمعات تحترم الآخر وحرياته  وتحمي قيم العدل والمساواة وتكافؤ الفرص  .

نعرف تماما بان وظيفة الدراما الاولى هي النهوض بالمجتمعات وبناء قيمها الإيجابية و حملها على تبنى مواقف داعمة للقضايا الوطنية وحماية مصالح البلاد والعباد وامنها واستقلالها  .

نعرف تماما بان على الدراما مناقشة كل القضايا الإجتماعية بكل وضوح وشفافية لمساعدة المجتمعات من إتخاذ قرارات إيجابية صائبة بشأنها لبناء مجتمعات الخير والحب والجمال .

ونعرف تماما بان على الدراما ان تتحلى بالوطنية ، وان تقدم شخوصا تشكل القدوة لباقي افراد المجتمع في نماذجها الإيجابية .

لقد دأبت الدراما التلفزيونية العربية على تحويل  اعظم القصص والأعمال الادبية إلى مسلسلات إذاعية وتلفزيونية او افلام سينمائية  ، لكننا اليوم نشعر بإفلاس من يكتبون الأعمال الدرامية ، بل اننا نشعر بان حلقاتها تكتب حلقة حلقة وبالتشاور بين فريق العمل من منتجين وكتاب ومخرجين الامر الذي يجعل شخصياتها غير واضحة المعالم ومتقلبة السلوكيات ويجعل احداثها كثيرة العقد الدرامية والازمات بشكل يعقد امر الاتيان بالحلول المنطقية لها ، بل ان الإصرار على تقديم الاعمال الطويلة والأعمال  ذات الاجزاء المتعددة يفقد الدراما واقعيتها ووظائفها ومصداقيتها  .

بكل الأحوال نحن غير راضين عما يقدم لنا من اعمال درامية ،  ونعتقد بأننا في زمن الدراما الرجعية التي تعمل في غير صالح المجتمعات ، وتقوم بهدمها بدلا من ان تشكل عنصر بناء لها .

إنها دراما اليوم … دراما تؤخر ولا تقدم

 

مقالات ذات صلة