الحزب المدني الديمقراطي الأردني “تحت التأسيس” يصدر ورقة موقف حول التعديلات المطروحة على قانون الجرائم الألكترونية

حرير – أصدر الحزب المدني الديمقراطي “تحت التأسيس” ورقة موقف حول التعديلات المطروحة على قانون الجرائم الألكترونية، أشار فيها إلى أن بعض أحكامها تمثل تعارضا صريحا مع أحكام الدستور وخاصة المادتين 15 و128 منه، على اعتبار أن الحرية مصانة بموجب الدستور ولا يجوز وضع أحكام تشريعية تتعارض معها، بينما تتضمن التعديلات فرض قيود شديدة على حرية الرأي والتعبير.
كما حذرت ورقة الموقف التي أرسل الحزب نسخا منها إلى كل من رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الأعيان ورئيس الوزراء، من أن تتسبب التعديلات في حال إقرارها في تعقيدات وقيود بمستويات متقدمة على حرية التعبير، وتفتح الباب واسعا أمام احتمال إساءة استخدام السلطة التقديرية، وتكرس الإعتقاد بأن التعديلات وضعت للحد من إبداء الرأي في قرارات وممارسات فئات معينة من المسؤولين، إضافة إلى أنها بمجملها لا تنسجم مع منظومة التحديث السياسي، والغاية منها، وما رافقها من تعديلات دستورية وقانونية، وقد تفرغها من مضمونها، كما قد يكون لها تداعيات سلبية على عمل الأحزاب والحياة الحزبية.
وبين الحزب المدني الديمقراطي في ورقة الموقف أن هناك تداخل في أحكام التعديلات والقانون الأصلي مع قوانين أخرى سارية، وبشكل خاص قانون العقوبات الذي عالج العديد من الممارسات التي تطرق لها قانون الجرائم الألكترونية والتعديلات المطروحة، وكذلك قانون المطبوعات والنشر من حيث مدى التغطية القانونية للمواقع الالكترونية وخضوعها للقانون، وكان يفترض أن يكرس قانون الجرائم الألكترونية لإحالة الجرائم الممكن ارتكابها من خلال أنظمة المعلومات على القوانين ذات الإختصاص، وليس إنشاء قانون لوصف جرائم تم وصفها في قوانين أخرى وورد فيها عقوبات على من يرتكبها.
كما أشارت الورقة إلى أن مشروع التعديل قد استخدم مصطلحات فضفاضة لأفعال غير معرفة في أي قانون، مثل “إغتيال الشخصية” و”ازدراء الأديان” و”الأخبار الكاذبة”، ومصطلحات أخرى، وهو أمر سيؤدي إلى استخدامها على نطاق غير مقيد لمنع التعبير عن الرأي، إضافة إلى أن التعديلات تفتقر إلى ضوابط واضحة تضمن عدم الخلط بين الانتقاد الموضوعي المُباح وبين الذم والقدح والتحقير.
ولفتت ورقة الموقف إلى أن التعديلات المطروحة قد شملت قائمة واسعة من الأفعال التي تمارس بشكل يومي من قبل عامة مستخدمي شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات الذكية، وهي في الغالب أفعال لا ترقى من الناحية الواقعية إلى مستوى الجريمة، ومن المتوقع ممارستها بحسن نية، ومن المتوقع أن يكون في تجريمها تدخلا سافرا في أبسط الحقوق والحريات في هذا المجال، وستكون مدعاة لنزاعات واسعة بين الأفراد، ناهيك عما ينطوي عليه هذا التدخل التشريعي من مساس بحرمة الاتصالات ونقل البيانات بين الأفراد وخصوصيتها.
وأكد الحزب في ورقة الموقف بأن العقوبات المقترحة في التعديلات مبالغ كثيرا في شدتها ولا تتناسب مع الجرم، وتصل بعضها إلى الغرامة بمبلغ (50) ألف دينار والحبس ثلاث سنوات أو خمس سنوات مع الأشغال، ما يشكل تضييقا صارخا على حرية التعبير بعدم مراعاة الأسس التي تعتمد في تحديد الأفعال المجرمة من المباحة وفق أحكام القوانين السارية كقانون العقوبات، ويغلظ العقوبة دون مراعاة التدرج فيها، ويكرس مبدأ التوقيف دون مبررات منطقية ودون ضمان حق التعويض في حال البراءة أو عدم المسؤولية، ويهمش إمكانية إصلاح وتاهيل الأفراد المتجاوزين للقانون وتفعيل العقوبات البديلة.
وأوصت الورقة بأن يتم سحب مشروع القانون المعدل والبدء بإجراء حوار وطني شامل لمراجعة القانون الأصلي بمشاركة كافة الشركاء والمختصين وأصحاب المصلحة ومنهم الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، وأن تكون المراجعة على قاعدة الإلتزام بالدستور وخاصة المادتين 15 و128، والمعايير الدولية ذات العلاقة ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والأخذ بالتجارب الفضلى في تشريعات الدول في هذا المجال.
وشدد الحزب المدني الديمقراطي على أهمية أن تستهدف عملية المراجعة إلغاء أي نصوص تمثل مساسا بالحقوق الأساسية والحريات وبشكل خاص حرية الرأي والتعبير، وإلغاء التداخل بين هذا القانون والقوانين الأخرى خاصة قانون العقوبات وقانون المطبوعات والنشر، وإلغاء أي مصطلحات أو مفاهيم فضفاضة أو مبهمة (اغتيال الشخصية، خطاب الكراهية، الأخبار الكاذبة، ازدراء الأديان…) واستبدالها بمفاهيم يمكن تحديد مدلولها ولا تثير اللبس، وإعادة النظر في العقوبات التي يفرضها القانون بما يراعي الأثر الجرمي للفعل والقصد والدافع، ومراعاة التدرج في العقوبات بما يتناسب معها، والحد من احتمالات التوقيف دون مبرر.
كما طالب الحزب في ورقة الموقف بأن يراعى في أي تشريع يرتبط بموضوع الجرائم الإلكترونية الإنسجام التام مع الدستور الأردني ومع المعايير الدولية، وبشكل خاص من حيث احترام حق حرية التعبير بكافة الوسائل، وعدم فرض قيود غير مبررة على النشاط الرقمي، والحفاظ على حقوق الأفراد في الخصوصية وسرية المراسلات الإلكترونية، وعدم التدخل غير المشروع في حياة الأفراد عبر الإنترنت، والتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وضمان عدم إساءة استخدام القانون لقمع الحرية الرقمية أو تقييد حرية التعبير، وللتضييق على المعارضين السياسيين أو الناقدين لسياساتها، والشفافية والمساءلة، بحيث يكون القانون واضحًا وشفافًا بشأن التهديدات الإلكترونية والجرائم المحتملة والعقوبات المفروضة، مع إجراءات محاكمة عادلة ومساءلة مناسبة في حالة ارتكاب جرائم، إضافة إلى مراعاة حقوق المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والنشطاء الرقميين، وعدم استخدامه لملاحقتهم أو قمعهم.

مقالات ذات صلة