خسائر فيسبوك وتويتر تُثير ذعر المستثمرين

انتهى الأسبوع المأساوي الذي مرّ على أسهم أبرز شركتين لمواقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك وتويتر، تاركاً كثيراً من الغموض حول مستقبل التداولات بأسهم هذه المواقع، وتساؤلات حول إمكانية أن تشهد الأسواق المالية تحولاً في المزاج العام للمستثمرين بعيداً عن تلك الشركات، التي اعتبرت قبل أسابيع قليلة من أهم عوامل ارتفاع أسعار الأسهم الأميركية خلال العامين الأخيرين.

وشهد يوم الجمعة الماضي انخفاض سعر سهم تويتر  بأكثر 20.5 %، ليغلق عند سعر 34.12 دولاراً، مطيحاً أكثر من ستة مليارات دولار من القيمة السوقية للشركة، إلا أنه ما زال أعلى من ضعف ما كان عليه قبل عام.

وتسبّب تقرير الأرباح الذي تم الإعلان عنه يوم الأربعاء، الذي جاء فيه أن متوسط العدد الشهري للمغردين على الموقع قد انخفض في الربع الثاني من العام الحالي من 336 مليوناً إلى 335 مليون مستخدم، في بث حالة من التوتر بين حاملي أسهم هذه الشركة.

ورغم الإعلان في نفس الوقت عن تحقيق الشركة هذا العام أرباحاً قياسية بلغت 100 مليون دولار عن النصف الأول، مقارنة بخسائر بلغت 116 مليون دولار قبل عام، كما ارتفعت الإيرادات لتبلغ 711 مليون دولار، فإن ذلك لم يمنع السهم من السقوط المروع.

وفي محاولة لاستعادة ثقة المتعاملين بالأسواق، أعلن تويتر قبل أيام شطب عشرات الملايين من الحسابات المشبوهة خلال الفترة الأخيرة، ما بين حسابات زائفة وحسابات تخالف سياسات الشركة وتستخدم لغة عنصرية تدعو إلى العنف والكراهية.

وتعرّض موقع تويتر، كما موقع فيسبوك، لانتقادات شديدة مؤخراً، على خلفية اتهامهما بالسماح بالتدخل الروسي وتوجيه الناخبين الأميركيين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ما حدا بالموقعين إلى العمل على تحسين صورتهما.

وسبق انخفاضُ سهم تويتر تراجعاً أكثر كارثية يوم الخميس لأسهم فيسبوك بنسبة 19%، الذي كان كفيلاً بمسح ما يقرب من 119 مليار دولار من قيمة الشركة السوقية، على الرغم من إعلان الشركة زيادة أرباحها في العام الحالي بنسبة الثلث تقريباً عن العام الماضي، إلا أنها حذرت المستثمرين من تباطؤ نمو الإيرادات في النصف الثاني من العام.

ويكافح موقع فيسبوك لإرضاء المشرعين في الولايات المتحدة وأوروبا في الفترة الأخيرة، وأنفق مليارات الدولارات من أجل حل الخلافات المتعلقة بالخصوصية والضوابط المتصاعدة الخاصة بتأمين بيانات أصحاب الحسابات، بالإضافة إلى محاولات تطبيق إجراءات مكلفة لمكافحة نشر البيانات المضللة على صفحاته.

ويبدو أن حاملي الأسهم غير مستعدين لتحمل تكلفة كل تلك الإجراءات، إذ تجاوزت خسارة القيمة السوقية لفيسبوك يوم الخميس، التي تعدّ أكبر خسارة في القيمة السوقية في تاريخ البورصات الأميركية، القيمة الإجمالية لكياناتٍ ضخمة ومؤثرة في السوق، مثل بنك الاستثمار الأميركي العملاق غولدمان ساكس، أو شركة لوكهيد مارتين المتخصصة في صناعة الأنظمة الدفاعية والفضائية والأمنية، أو عملاق مبيعات التجزئة كوستكو.

ومساء الأربعاء، أعلن مارك زوكربرغ، مؤسس ورئيس فيسبوك، الذي فقد ما يقرب من 16 مليار دولار من ثروته بسبب تراجع السهم يوم الخميس، أن نحو 2.5 مليار شخص، أي حوالي ثلث سكان كوكب الأرض، يستخدمون أحد منتجات فيسبوك مرة واحدة على الأقل كل شهر.

لكن الرقم المهول لم يمنع إصابة المستثمرين بالهلع عند إعلان ديفيد وينر، المدير المالي للشركة، توقعه انخفاض معدل نمو إيرادات الشركة من مستوى 42% المسجل في الربع الثاني، وكذلك انخفاض الهامش التشغيلي البالغ 44% خلال الفترة ذاتها.

وأكد وينر أن هناك ثلاثة عوامل تدفع معدل نمو إيرادات فيسبوك للانخفاض، أولها ارتفاع قيمة الدولار أمام العملات الأخرى، وهو ما يقلّل من قيمة الإيرادات من خارج الولايات المتحدة، وثانيها تغيير طريقة العرض على الموقع والتركيز على بعض الخواص ذات الربحية الأقل، وثالثها الاهتمام المتزايد من الإدارة العليا بالخصوصية والتأمين، الأمر الذي سبق أن حذر زوكربرغ من تأثيره على ربحية الشركة.

ولفت وينر إلى أن منح فيسبوك مستخدميه الحرية في عدم الخضوع لتطبيقات جمع البيانات، تماشياً مع قوانين الخصوصية الأوروبية الجديدة، قد يؤدي إلى انخفاض إيرادات الشركة من الإعلانات. وقال: “من المرجح أن تحقق الشركة هوامش تشغيل دون المستوى بعد أكثر من سنتين”.

وشهد موقع فيسبوك لأول مرة في تاريخه انخفاضاً في عدد المستخدمين النشطاء، وهو ما يعد خبراً سيئاً جداً لموقع اعتاد نمواً عنقودياً لعدد مستخدميه منذ إنشائه. لكن لم يكن هذا أكثر ما سبب قلق المستثمرين، وإنما المكان الذي حدث فيه هذا الانخفاض، أي أوروبا، وهي أحد أهم مصادر إيرادات الإعلانات للشركة.

وقالت الشركة إن عدد المستخدمين انخفض في الربع الثاني من هذا العام، بفعل قانون الاتحاد الأوروبي لتنظيم حماية البيانات العامة.

وتجنّب المدير المالي للشركة، كما كل المسؤولين الآخرين، التحدث عن تأثير القانون على عدد المستخدمين فيما بعد الربع الثاني من العام الحالي.

ولما كانت فيسبوك لم تبدأ الالتزام بمتطلبات القانون إلا في الأسبوع الأخير من مايو / أيار الماضي، أي أن التأثير على عدد المستخدمين لم يحدث إلا في أقل من نصف الربع الثاني، فقد توقع المحللون أن يكون للقانون تأثير أكبر في الربع الثالث والرابع وما بعدهما.

مقالات ذات صلة