حيتان في المحيط.. أحمد حسن الزعبي
أثبتت الأيام القليلة الماضية أننا لم نكن نلاحق “خيط دخان” كما في أغنية قارئة الفنجان ، بل كنّا مبتلين بخطوط إنتاج ومخازن وكميات هائلة موزّعة بين مدن المملكة دون أن يلتفت إليها أحد أو يشك بها أحد أو تلاحظها المؤسسات الرقابية المعنية مما يثير الاستغراب والتساؤل الكبير ونحن نعرف لو أن احدنا “عمّر سنسلة” أو قام بحفر خط مجاري لانهالت عليه كل الفرق المختصة لتسأله ولتنذره وتهدده بالقانون!..فلماذا يغيب القانون عندما تكبر المسألة ويحضر بكل هيبته وقيافته عندما تصغر حتى بالكاد ترى بالعين المجرّدة؟..
لا يهمني مدى حجم اتساع “قضية الدخان” بقدر ما يعنيني ،كم بقي من الحيتان السابحة في محيط اللا مشروع واللا قانون دون ان يصطادها أحد او يرصدها أحد أو يساهم في جنوحها احد؟..أنا أؤمن تماماً كما أن أحد حيتان الدخان “المزوّر” قد وقع صدفة أو عن قصد ربما، فإن هناك عشرات الحيتان الذين ما زالوا يسبحون ويأكلون اقتصادنا الغض وينفثون الدولارات من نوافير ترفهم ولا يُرَون بالعين المجرّدة أيضاَ..
دققوا في المشهد جيّداً ستجدوا أن هناك حيتاناً في قطاع الأغذية يحتكرون سلعاً بعينها ،وحيتاناً في قطاع “اللحوم المستوردة” يقضمون كل من يقترب من كارهم ، وحيتاناً في قطاع الأغذية وحيتاناً في “قطاع الطاقة” حيث سنحيا ونموت دون أن نعرف كيف يُسعّر لنا جالون “البنزين” أو”الديزل” برغم محاولات الحكومات الكوميدية بشرح المعادلة غير المقعنة أصلاً ..مشوارنا طويل، ومن سقط في شباك المساءلة ربما انتهى عمره الافتراضي بعد أن جمع مئات الملايين وفوت مئات الملايين على خزينة الدولة كان الأولى أن تذهب في تحسين خدمات التعليم والطرق والصحة وسد المديونية…ثم نأتي بقانون ضريبة الدخل الجديد “يحاتف” الموظف والفقير على دخله الذي لا يسدّ رمقه وتصر الحكومة الآن على مناقشته من جديد وتأزيم الموقف من جديد ..طيب أين كنتم من هؤلاء؟؟…عندما فسدوا وتقاسموا وثروا وهربوا وهرّبوا؟؟…أم أن القصة تتخلص بعبارة واحد: بعد ما شبع شالوا الصحن من قدّامه؟!!..بسيطة في غيره كثير..اصطادوهم الآن!.غطيني يا كرمة العلي..