لا تسكتوا على هذه السفاهة

ماهر أبو طير

حرير- تخرج الإعلامية الكويتية فجر السعيد لتنكر قدسية المسجد الأقصى، وانه كان أولى القبلتين، بكلام سفيه، يجعلك تحتار، إذا ما كانت مهمتك أن ترد عليها، ومن هو على شاكلتها، أو تقف في وجه الاحتلال الذي يهدد الأقصى، وكأن مهمتك هنا تتحول إلى ابناء دمك وقوميتك ودينك أيضا في هذا الزمن، في محاولة لاقناعهم أن يقفوا معك، أو أن يسكتوا على الأقل.

فجر السعيد كثيرة الجدل والإثارة، وكانت قبل سنوات قد زارت المسجد الأقصى، ونشرت صورها داخل الحرم القدسي، وهي محجبة، مع كثير من الأدعية أن يتقبل الله منها الزيارة والدعاء، وفي تلك الزيارة استقبلها مسؤولون من جماعة سلطة أوسلو، الذين احتفوا بها وبمطلعها الكريم.

لكن “العبقرية الفذة” فجر السعيد عادت هذه الأيام، وانقلبت لسبب أو آخر، بل وقدمت رأيا دينيا وتاريخيا، برغم انها ليست عالمة تاريخ، ولا متبحرة في الدين أصلا، وقالت خلال زيارتها لمدينة كربلاء في العراق ..” إن سالفة القدس أولى القبلتين أنا ما أعترف فيها”.. وزادت بأن المسجد الأقصى بناه الخليفة عمر بن الخطاب، موضحة أنه لم يكن خليفة للمسلمين إلا بعد وفاة النبي محمد لتتساءل: “شلون أولى القبلتين؟”، والآيات التي نزلت وتقول حق الرسول وجه قبلتك للكعبة عشان تميز ربعك عن الآخرين هذه شنو معناتها؟”.وأضافت “المسجد الأقصى اللي بناه عمر واللي جدده معاوية، فعلى أي أساس أنتم مقتنعين أنه أولى القبلتين؟”.

لا نريد أن ندخل في جدل ديني، إذ أن هذا الجدل أولى أن يكون مخصصا نحو الذين يريدون هدم المسجد الأقصى، أي الاحتلال الإسرائيلي ومن يتبنى رواياته الدينية والتاريخية، لكن الفاضلة هنا تنكر النص الديني في القرآن الكريم، حول المسجد الأقصى، في حادثة الأسراء، ولا تفقه اصلا، معنى وجود المسجد تاريخيا، ولماذا زاره النبي صلى الله عليه وسلم إذا لم يكن موجودا، كما تقول، إلا إذا كانت تنفي النص القرآني، أو تريد أن تقول إن النبي صلى الله عليه وسلم كان بحاجة للأمويين حتى يبنون مبانيه الحالية، من أجل إتمام حادثة الأسراء، وتنكر النص القرآني حول قبلة النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يصلي نحو الأقصى مع المسلمين، باعتبارها أولى القبلتين حتى تغيرت القبلة نحو الكعبة.

هذه سفاهة، تذكرني بعشرات الأصوات التي خرجت من جانب عرب ومسلمين، يتبنون فيها روايات مدسوسة، وأكاذيب، تصب لصالح الاحتلال، وقد قرأنا مئات المرات تعليقات من جانب عرب ومسلمين، يقولون لك بكل وقاحة إنه لا توجد فلسطين أصلا، ولم تذكر القدس في القرآن، وبعضهم تطوع وحاول أن يثبت أن الأقصى قريب من مكة المكرمة، وفي وسط الجزيرة العربية، وذهبت أراء إلى القول إن الأقصى الحالي أقامه الأمويون في سياق صراع سياسي على النفوذ الديني والاجتماعي والاقتصادي، لمنافسة مراكز المدن الدينية مثل مكة والمدينة.

في كل الأحوال أنت لست بحاجة إلى عدو لتحاربه، إذ يكفيك الصديق الذي في حقيقته اسوأ من العدو، لتسأل إذا ما كانوا يفهمون حقا الذي يجري، أو كلما اطلعوا على رأي نشاز قاموا بتبنيه لمجرد الاثارة وتعميق الشكوك، في زمن تنهمر فيه آلاف الروايات وتحليلات الموروث الديني والنصوص، التي تريد أن توصل الناس إلى درجة الشك في كل شيء، ونزع اليقين من صدورهم، حتى وصلت الأمور إلى نشر مقالات ونصوص تنكر مكة المكرمة الحالية، وتدعي أن الكعبة في مواقع ثانية، وغير ذلك من قصص تتسرب كل يوم عبر وسائل مختلفة.

فجر السعيد التي تم رد عليها بقوة من الأشقاء الكويتيين الذين يشهد لهم الكل بموقفهم التاريخي من فلسطين، ولا تمثل الكويت أصلا في هكذا قصة، لكننا بكل بساطة نقف أمام نماذج لا تحسب كلفة الكلام، فتتعجب من هؤلاء الذين يستسلهون الكلف على اكتافهم، ويتحولون إلى خناجر تطعن ظهرك وأنت في عز معركتك حول القدس، وهويتها، وقدسية المسجد الأقصى.

مقالات ذات صلة