التكريمات الوهمية والنصابين

أيمن عدلي

النصب أنواع، لكن أخطرها النصب بالعلم والدرجات العلمية والألقاب، السنوات الماضية تكررت حالات النصب ووصلت إلى درجة تورط شخصيات عامة وأسماء مرموقة مجتمعيا فيها، القضية ليست كما يعتقد البعض أنها بسيطة أو مجرد شو اجتماعى، الأمر اخطر من ذلك بكثير، فهو إفساد الحياة العلمية وتسييل متعمد للألقاب حتى تكون بلا قيمة، فكثيرون ممن يحصلون على الدكتوراه الفخرية مثلا لا يصلحون أصلا للحصول على مؤهل عالٍ، ورغم ذلك يتحولون بسبب هذه الألقاب المزيفة إلى نجوم مجتمع ويقدمون أنفسهم مسبوقين بحرف « الدال» الذى أصبح سبوبة كبيرة بسبب جرى الآلاف للحصول عليه بأقل جهد وبأى ثمن.

مؤخرًا تورط طبيب كبير وشهير فى نصباية دكتوراه فخرية، ولأن اسمه كبير فى مجاله والمصريين يحترمونه فقد قامت الدنيا وتعرض لحملة كبيرة من الجمهور، بسبب تكريمه ومنحه دكتوراه مضروبة تحت مسمى الدكتوراه الفخرية مع ممثلة تثير الجدل كلما ظهرت.

صحيح الطبيب الشهير شعر بالحرج وتبرأ سريعا مما حدث، لكن فى النهاية تم توريطه واستغلال اسمه فى أمر لم يكن يحتاج اليه، ومثلما وقع هذا الطبيب فى الفخ، فهناك عشرات غيره يسقطون فى نفس الفخ، وهناك أيضا متربحون من هذه النصباية، فتحت ستار الأسماء الكبيرة يتم منح الدكتوراه والألقاب الوهمية لعشرات ممن يشترونها بالفلوس، لزوم الكذب المجتمعى.

إن التحدى الحقيقى هو التصدى لمثل هذه الاشكال من النصب التى تجرى تحت بند التكريم، وأول الطريق للمواجهة أن يتم وضع ضوابط ومعايير للجهات التى تمنح الألقاب والدرجات العلمية والتى تقيم الاحتفالات.

ومن لا يلتزم بهذه المعايير يخضع للقانون وتطبق عليه عقوبات مغلظة، حتى نقضى على ثقافة الفهلوة وننهى ظاهرة الألقاب الكاذبة التى أفسدت علينا الحياة العلمية، وخلطت الأوراق فلم نعد نعرف من الأصل ومن المزيف، من يحمل الدكتوراه حقًا ومن اشتراها بفلوسه.

لم نعد نعلم على أى معايير يتم اختيار السفراء وتسمية الخبراء، فالألقاب الوهمية خلقت حالة من الشك عند الكثيرين.

وأخيرًا، فإن ما حدث فى السنوات الماضية من تكريمات وهمية تستدعى من الرموز المصرية عدم الموافقة على التورط فى هذا النصب، واعطاء شرعية لهؤلاء الذين يتاجرون بالأوطان وبالشخصيات العامة ويعرضونهم للحرج.

أيضًا لابد من وقفة جادة من الدولة واجهزتها، وأيضًا من الشخصيات العامة، فكل عالم أو مفكر أو سياسى أو أستاذ جامعى عليه أن يدرك أن ما وصل اليه من درجة علمية أو منصب أو صفة أمر يستحق أن يحافظ عليه ولا يسمح للنصابين أن يتاجروا به مهما كان الثمن أو المبرر.

علينا جميعًا أن ندرك أن كل دكتور مزيف وكل سفير كاذب وكل خبير مدعو هو خصم كبير من رصيد المجتمع ومنا جميعا لأنه يسىء الينا، علينا ان نقف بكل شدة ضد هؤلاء حتى لا يخدعوا الناس

– صحيفة الوفد المصرية .

مقالات ذات صلة