جرش يلملم صوره وذكرياته ويحط رحاله في عمان

جرش – ليث العسّاف

خاص لحرير

بينما جرش يلملم صوره الجميلة وذكرياته التي تركها في وجدان ونفوس من عاشوا لياليه المتنوعة التي لاتنسى عمدت حرير إلى لملمة آخر الصور التي عايشتها خلال أيام المهرجان والتي نحب ان ننقل لكم صورة عنها :

ففي ىخر ليالي المهرجان بجرش إهتزت جنبات  المسرح الجنوبي تحت وقع أرجل الفرسان الرجال الشجعان من جبال القفقاس مع فرقة النادي الأهلي للرقص الشركسي لنستمتع بلوحات تمجد الشجاعة والرجولة والفروسية بأسمى صورها ونشاهد لوحات ممتعة من الرقص الشركسي الذي يحكي تراث هذه الشريحة الأردنية بامتياز وبقدر ما فرحنا وحلقنا في فضاءات الثقافة والفنون فإننا ام نكتفي منها .

ولكن يسيطر علينا أحساس بالحزن لأن أيام مهرجان جرش للثقافة والفنون تلملم لحظاتها الأخيرة منذرة بالرحيل لتحط رحالها في عاصمتنا الحبيبة عمان مع فعاليات سنوافيكم بها في حينه.

وفي حفل ختام المهرجان في جرش سنودع الساحة الرئيسيّة بكل ما حملته من ابداعات أردنية وستشتاق خطانا لشارع الأعمدة و لضجيج رواد صفتهم الأولى الوفاء لمهرجان جرش والعودة بإذن الله في سنين قادمة في أردن الشرفاء.

في اشارع الأعمدة غص جانباه بمعروضات غاية في الروعة وكانت تشي برسالة أردنية مفادها :

أن تقع في الخطأ كثيرا ما يحدث ذلك، وقد يوصلك ذلك إلى أن تعاقب من جهات قانونية تحكم عليك بقضاء أيام أو أشهر او سنوات في أحد مراكز الإصلاح والتأهيل.

وهنا في الأردن يتم استغلال هذه الفترة في إعادة تأهيل واصلاح كل من يحكم عليه ولا تمضي السنوات هدرا بل يتم التركيز على قضاء هذه الفترة الزمينة في الاصلاح والتوجيه واكتشاف المواهب والقدرات لنزلاء مراكز الاصلاح والتأهيل. حتى أن كلمة ( سجن ) لم تعد متداولة في القاموس الامني الأردني.

وللإضاءة على هذا الموضوع الذي يحدث خلف جدران هذه المراكز لمن لا يعلم كان للنزلاء معرض في مهرجان جرش للثقافة والفنون في شارع الأعمدة ، ضم معروضات رائعة مشغولة بإيدي النزلاء. فنجد أعمال الفسيفساء الحجرية التي هي عبارة عن مشغولات من أحجار طبيعية أو صناعية ملونة إما بفعل الطبيعة أو ملونة بألوان الزيت لإبراز الجمال بشكل يسر الناظر.

أما المشغولات الفخارية فتحضر بقوة بعد أن قام النزلاء بتطويع خامة الطين الذي يكثر تواجدها في الأردن ليخرج من دولاب الصلصال أشكال رائعة تتنوع من خلال التشكيل اليدوي، وما يتم اضافته من رسومات ولوحات فنية لتجعل كل قطعة تحفة فنية بحد ذاتها.

وكثيرا ما استدل علماء الآثار على تاريخ وحضارة أمم سبقتنا من خلال ما عثروا عليه من قطع فخارية تكاد تكون سليمة 100%. أما النحاس فقد وجد أيادي قوية تطوعه بإستخدام أوراق النحاس التي تثبت على قوالب خشبية بحيث يتم رسمها وتنفيرها فتكاد تنطق عند ملمسها مضافا إليها جمالية التعتيق واللون.

أما المشغولات اليدوية ( التطريز ) فلها حضور مميز تظهره الخيوط الملونة برسومات مختلفة محاك على قطع من القماش لتتمتع هذه المشغولات بخاصية جمالية فريدة من نوعها، وتعتبر من أجمل الفنون التقليدية العريقة التي تنقل التراث من جيل إلى جيل وغاليا ما تستخدم في تزيين الملابس النسائية خاصة.

ومؤخرا دخل التطريز في اللوحات الفنية المعلقة في المنازل لتزيينها وفي بعض قطع الأثاث. أما الأعمال الخشبية فتظهر مهارة الفنان في النحت أو في صنع المجسمات المتقنة بدرجة عالية من الفن والذوق والإتقان، ومادة الخشب تتشكل في أعمال نحتية رائعة تعبر عن داخل الصانع لها والذي يستخدم في عمله أدوات بسيطة، ويتم تجميع القطع لتظهر في مظهرها النهائي ويعطيها اللون مظهرا فاتنا.

ولنصل لقمة الإشباع للذائقة الفنية لابد من مشاهدة ما ابدعته أنامل نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل في لوحات زيتية غاية في الروعة. تتأملها محتارا كيف يمكن أن تخرج هذه الطاقات الفنية الإبداعية من أشخاص وصلوا لهذا المكان لولا ظروفهم المحيطة بهم، وبالرعاية والاهتمام وصلوا قمة الإبداع في لوحات تكاد ان تنطق مستخدمين خامات متعددة وألوان زيتية رائعة مظهرين الفكرة من كل عمل، مع اسقاط على احاسيسهم بين الفرشاة والقماش بما يضاهي لوحات الفنانين المشهورين.

وللرواد المتعة في تأمل هذه اللوحات والأعمال الحرفية ،والوقوف احتراما لكل من يساهم في تمكين النزلاء من امتاعنا بمشاهدة أعمالهم. ومن تمكينهم واصلاحهم ليخرجوا للمجتمع أفرادا منتجين .

 

 

مقالات ذات صلة