شفاء للقلوب

د. هاشم غرايبة

حرير- يقول تعالى في الآية 19 من سورة آل عمران: “إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَٰمُۗ وَمَا ٱخۡتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۗ وَمَن يَكۡفُرۡ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ”.

تجيب هذه الآية على من يتساءلون بخبث: لماذا أنزل الله ثلاثة أديان، فالإجابة فيها قاطعة، إنه أنزل دينا واحدا منذ البدء، وهو #الإسلام، ولم ينزل للدين أي مسمى آخر، وعبارة الديانات السماوية من وضع البشرالمغرضين، إذ لم ترد في كتاب الله، بل لم ترد فيه لفظة الدين إلا بالمفرد.

لا يستقيم منطقيا أن يكون الإله واحدا وينزل أديانا متباينة، بل أوصى آدم وذريته عندما أسكنهم الأرض، أن يتبعوا هديه الذي سينزله عليهم عندما يتكاثروا فتتضارب مصالحهم ويختلفوا، لذا سيكونون بحاجة الى مرجعية ثابتة (الشرع) لكي يحكم بينهم.

كان الله ينزل هذا الهدي مجزءا بشكل تشريعات ووصايا، بحسب التطور البشري، فمن المنطق أن لا ينزل الدين كله دفعة واحدة، بل حسب استيعابهم ، وما كانوا بحاجة إليه.

تعتبر مرحلة رسالة نوح عليه السلام مرحلة فارقة في التاريخ البشري، قبلها كانت الأجسام أكبر، والأعمار أطول، بعدها تطور البشر الى الصورة الحالية، وأصبحوا مؤهلين لفهم أحكام الشريعة، فبدأ تنزيلها من خلال رسالته، ومن ذريته أختار لنا الله تعالى ابراهيم عليه السلام ليعلمنا بأخباره، لأنه اصطفى جميع الرسل والأنبياء التالين من ذريته.

رغم ان الرسالة الخاتمة شاملة لكل ما سبقها، لكن قلة من متبعي ما قبلها اتبعوها، بل ناصبوها العداء، إذ كبر عليهم أن تنزل على غير بني اسرائيل، ولتفريق الدين الواحد جاءوا بتسميتي الديانة اليهودية والمسيحية، وقد أنزل الله سورة البيّنة لتفصيل ذلك الأمر بوضوح.

ولدحض ادعاء هؤلاء أنهم متبعون لما أوصاهم به يعقوب، يقول تعالى: “أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ” [البقرة:133]، ولرد ادعائهم أنهم هم المتبعون لرسالة ابراهيم وليس المسلمون، يقول تعالى: “قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ” [الأنعام:161].

هكذا يثبت ضلال من يبشرون بالديانة المثلثة الجديدة (الإيراهيمية)، فإبراهيم عليه السلام براء مما يدعون، والدليل قوله تعالى: “مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ . إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا ۗ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ” [آل عمران:67-68].

إن المسلم هو متبع لما جاء في كتاب الله، لذا فكل من يدعو الى ما يسمى بتوحيد الأديان السماوية تحت مسمى الإبراهيمية أو سواها، ليس بمسلم قطعا، فهو إما متلبس بالإسلام أو منافقٌ معادٍ له.

مقالات ذات صلة