“التصفير”… لغة أهالي قرية تركية

في شمال تركيا وعلى سواحل البحر الاسود تقع قرية كوش كوي الوادعة الجميلة، لكن ما يميز هذه القرية ان سكانها، كبيرهم وصغيرهم، يتحدثون بلغة التصفير فيما بينهم ويفهمون هذه اللغة بكل تفاصيلها.

واثناء زيارة لوفد صحفي من عدة دول عربية نظمتها شركة الخطوط الجوية التركية فوجئنا بأهل هذه القرية يحيون الوفد بلغة التصفير وهي لغة جميلة تمتزج مع اصوات العصافير في القرية، حتى انك لا تفرق بين صفير البلبل وصفير اهل هذه القرية.

وبحسب اهل هذه القرية الذين تحدثوا لوكالة الانباء الاردنية (بترا)، فإن “اسم القرية كوش كوي يعني لغة الطير، وهي الطريقة الاسهل والاكثر سلاسة للتواصل، حيث يتحول كل حرف من حروف التركية إلى نغمة معيّنة يمكن التصفير بها ويمكن سماعها من مسافات بعيدة”.

ويقول احد كبار القرية محمود جيفاليك ان اهل هذه القرية البالغ عددهم 400 شخص “يتحدثون ويتفاهمون بلغة التصفير منذ حوالي 400 مائة عام، وتم اختراع هذه اللغة للتواصل بسبب تضاريس القرية الصعبة وجبالها العالية ووديانها السحيقة لتسهيل التواصل والتحادث من مسافات بعيدة”، مضيفا “انهم يفهمون صوت صفير العصافير والطيور حتى انهم في احد اشهر الربيع يسمعون الطيور كأنها تقرأ سورة الفيل”.

وقال جيفاليك، ان “العملية سهلة وقد وضعوا رموزا وألحانا معينة بحيث يتم تحويل اي كلمة الى لحن تصفيري معين ويفهمه الجميع”، مشيرا الى انهم يتوارثون هذه اللغة جيلا بعد جيل ويستمتعون بها ويستسهلونها عن اي لغة تخاطب اخرى .

اما الطفل جعفر والذي اطال في التصفير ترحيبا بالوفد الزائر فيقول “انه تعلم هذه اللغة من والديه ويتحادث مع اقرانه بها وهي ممتعة له ولأصدقائه”.

ويشعر زائر هذه القرية الوادعة الجميلة والصغيرة بالراحة التامة، ويجري خلالها نهر، وبها شارع رئيسي واحد فيه خباز وجزار وعدد من المقاهي، ومسجد بقبة صغيرة ومئذنة بيضاء، في الوقت الذي تتوزع فيه بيوت اهل هذه القرية بين حقول البندق والشاي التي تغطي القرية.

ويطلق اهل القرية على لغة التصفير اسم “كوش ديلي”، مشيرين الى ان الكهرباء وصلتهم عام 1986 ورغم التطور الحاصل الا أنهم يحافظون على لغة التصفير التي يعتزون ويفتخرون بها لا سيما وانهم ورثوها عن آبائهم واجدادهم.

 

مقالات ذات صلة