وتستمر الإبادة بإرادة السيد الأمريكي

حاتم الكسواني

بات واضحا أن قرار محكمة العدل الدولية المؤجل لحين تلقي تقريرا اسرائيليا حول تنفيذه لتوصيات المحكمة بشأن عمليات الإبادة الجماعية الجارية بحق الشعب الفلسطيني في غزة هو رخصة منحت لقوات الكيان الصهيوني بشهر إضافي ولما يليه من وقت حتى تتلقى المحكمة التقرير المطلوب و تفصل فيه ، تماما ككل الفرص الإضافية للقتل التي منحتها قرارات الفيتو الأمريكي لقوات الكيان الصهيوني .

ولا يخفى على أحد بأن المحرك الحقيقي لكل عمليات الإبادة الصهيونية ولقرارات هيئات الأمم المتحدة المرهونة في تسيير أعمالها لموازنات مخصصة  من كبار  المانحين من قوى القهر في دول الإستعمار الأوروبي القديم  والولايات المتحدة الأمريكية ”  السيد الأمريكي ”  .

اما  مجرم الإبادة الفلسطينية الصهبوني بنيامين نتنياهو فما هو  بعقليته ونمط تفكيره  إلا ” قلعة “على رقعة الشطرنج الأمريكي تحركه يد الدولة العميقة الأمريكية كيف تشاء وتسقطه وقت تشاء ، وكذا قرارات منظمات هيئة الأمم المتحدة بدًء بقرارات محكمة العدل الدولية المتسارعة بشأن الحرب الروسية الأوكرانية والمتباطئة بشأن حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة ، ومرورا بقرارات المانحين للإنروا  الذين علقوا مساعداتهم المالية لها إمعانا في تجويع وتجهيل الشعب  الفلسطيني بشكل  ينهي قضيته ،  بإلغاء الشاهد الحي والوحيد على بدء نكبته وإستمرارها  75 عاما مضت منذ عام 1948 حتى يومنا هذا .

ومما يزيد أمر الفلسطينيين بغزة تعقيدا الإستسلام والتراخي العربي في رفض كل ما يجري للأهل بغزة بشكل يؤكد بأن وراء هذا التراخي ثمنا ستقبضه بعض الأنظمة العربية يتمثل بإيثار السلامة وتحقيق بعض المكاسب الإستراتيجية نتيجة عدم التدخل أو التدخل الكلامي  الرشيد  الذي درجت عليه عادة الدول العربية وجامعتهم الكسيحة سواء  بتشكيل اللجان التي لا تقدم ولاتؤخر ولا تجتمع إلا إجتماع واحد يلي قرار  تأسيسها ، أو بإصدار  البيانات الإستنكارية وبيانات تقرير الموقف .

وأعتقد متحدسا بأن مصر مثلا ومهما بذلت من جهود في سبيل عقد اتفاقية وقف إطلاق النار بين اسرائيل وحماس ، ومهما قدمت من جهود لوجستية تتمثل بتسهيل مد خطوط وحدات تحلية المياه الإماراتية للنازحين  لحدود مدينة رفح  الفلسطينية المحاذية للحدود المصرية ، أو تنظيم ما تسمح إسرائيل من تمريره من المساعدات ،فإنها في النهاية ستكسب ( نتيجة عدم تدخلها بتحديد خطوط حمراء لعمليات قتل وإبادة الشعب الفلسطيني كاقوى واكبر شقيق وجار عربي لغزة )   تثبيت أمر عدم منافسة قناة السويس ومداخيلها الإقتصادية ، بإلغاء إسرائيل أمر  تنفيذ مشروع قناة بن غوريون بين البحرين المتوسط والاحمر  وربما أيضا حصول مصر على وعود بتسهيل عقد اتفاقية حصة مصر من مياه النيل مع إثيوبيا ، وشطب بعض ديون مصر بأمر من إدارة السيد الأمريكي .

و قياسا على حالة مصر فلك عزيزي القارئ أن تتخيل ما يجري مع باقي الدول العربية التي تدور في فلك السيد الأمريكي الذي كان من اعز أهدافه خلال مشاركته إلى  جانب صنيعته الإسرائيلي في تنفيذ كل عمليات الإبادة والقتل وتدمير أسباب الحياة في غزة الحفاظ على عدم تفلت تلك الدول ” التي تدور في فلكه ” من عقالها بين يديه والذهاب مع التوجهات التي اتسمت بها مرحلة التوجه العالمي إلى صياغة عالم ثنائي القطبية أو متعدد الأقطاب بقيادة روسيا الاتحادية والصين كقوى تحد من تجبر السيد الأمريكي وسيطرته على مقاليد إتخاذ القرار في كل ما يتعلق بقضايا العالم  .

ولكن يبقى السؤال الكبير : هل فاجئت عملية طوفان الأقصى  السيد الأمريكي وخلطت  أوراقه التي كان يعدها للمنطقة؟!

من المؤكد أنها فعلت ذلك بإبرازها مظلومية الشعب الفلسطيني  وتقديمها اكبر عملية تثقيف عالمي على أوسع نطاق بين جماهير العالم حول  نكبته وحقوقه المشروعة .

ومن المؤكد بأن الساحة الدولية الآن مهيئة لمنح الشعب الفلسطيني دولته بشروط أفضل مما كان معروض عليه ولكن بأقل من مستوى طموحه ، وسيلتفت الفلسطينيون لفترة تمتد من 10-15عاما في عملية إعادة بناء هياكل دولتهم ، ودستورها ، وإقتصادياتها ، وإعادة إعمار مدنها وقراها قبل أن يفكروا بمعارك وحروب أخرى ،  حتى يقضي ربك أمرا كان مفعولا … وإلى الله ترجع الأمور .

مقالات ذات صلة