خطوط الأردن الحمراء في غزة

د. محمد المومني

حرير- بعيدا عن كل التعقيدات السياسية والأمنية لما يجري في غزة، وسيل المنطق واللامنطق من تقديرات لما يجري، بعيدا عن كل ذلك، وبصرف النظر عن الأعصاب العالمية المشدودة جدا جراء ما يحدث، فإن الأردن لا يمكن له أن يكون مرنا في أمور أساسية تتعارض مع مصالحه ومع قيمه التي لا بد أن تكون قيما للعالم ومنظومته الإنسانية. أولى خطوط الأردن الحمراء تدفق الدعم الإنساني لأهالي غزة المدنيين العزل الذين لا ذنب لهم بما يجري. توفير الدعم أمر إنساني أساسي متسق تماما مع منظومة القيم الدولية والإنسانية التي يفترض أن يحترمها الجميع. عدم توفير المساعدات ليس فقط أمرا لا إنسانيا، ولكنه أيضا سوف يولد مزيدا من الكراهية والمعاناة التي تنتج مزيدا من المواجهات والصدامات. لا يجب بحال أن يكون غضب العالم عاميا له لما يجب أن يتم عمله إنسانيا فهذا خطأ سياسي وأمني وأخلاقي كبير.

ثاني الخطوط الحمراء الترانسفير البشري للفلسطينيين، فهذا ظلم كبير بحق الشعب الفلسطيني بأن يهجر من أرضه ووطنه، وهو أيضا متعارض تماما مع مصالح الأردن بقيام الدولة الفلسطينية. تهجير الفلسطينيين معناه أن إسرائيل ستحظى بالأرض دون السكان وهذا مبتغى يمينها. الحديث الآن عن ترانسفير في غزة وهذا إجراء قد يمتد للضفة وذلك ضرب مباشر بمصالح الأردن ويتعارض مع عقيدته السياسية والعسكرية. إنها اللحظة التي ستقود الأردن لخوض حرب حفاظا على وجوده. مصر ولتعارض الترانسفير مع مصالحها أغلقت الحدود بالحواجر الإسمنتية، فهو أمر يهدد أمن مصر الوطني.

ثالث الخطوط الحمراء أمن الحدود وبسط السيادة عليها، فلا يجوز بحال من الأحوال أن يمس أمن الحدود لأي سبب من الأسباب، ودعوات الذهاب للحدود وفتحها غير واقعية ولا عقلانية، تهدد بشكل مباشر سلامة الأردنيين المتظاهرين والأمن الوطني الأردني. فتح الحدود من عدمه أمر سيادي كبير تأخذه مؤسسات الدولة ضمن حساباتها السيادية والأمنية، ولا يجوز بحال من الأحوال أن يتم ذلك ضمن دوائر القرار الحزبية أو من مسيرات متعاطفة مع ما يجري. احترام سيادة الأردن مهم جدا لجهة تمكينه من القيام بدوره في التخفيف من وطأة الظلم على الشعب الفلسطيني.

رابع الخطوط التشكيك بالموقف الأردني، وعلى قلة من يفعلون ذلك، فإنه ظلم كبير ومجاف للحقيقة، ومستفز لأبعد الحدود للأردنيين الذي ما توانوا لحظة عن نصرة الفلسطينيين إنسانيا وسياسيا وبكل المجالات، ويكاد لا يوجد خطاب واحد لجلالة الملك لا يدافع فيه عن الفلسطينيين وحقهم وكرامتهم الوطنية وقيام دولتهم وعاصمتها القدس. قدم الأردن ما لم يقدمه أحد للقضية وللشعب الفلسطيني، وهذا واجب وشرف، لكن أن يتم تناسي ذلك من قبل البعض فهو ضرب من الإهانة للأردنيين كافة.

خامس الخطوط الحمراء الائتمار من الخارج من قبل أي كان، فبوصلتنا القضية لا نقبل لأحد أن يسبقنا إليها، والأردنيون توجههم وتأمرهم فقط مؤسسات دولتهم وملكهم، وبغير ذلك فهذا عبث سياسي مغضب للأردنيين من شتى أصولهم ومنابتهم، وقوانيننا، لمن يتناساها، لا تسمح بالائتمار من الخارج من أي كان، وإن كانت العواطف مشتعلة الآن، فهذا لا يعفي القيادة من الرشد والانتباه.

 

مقالات ذات صلة