حلم التخلص من الدولار

سامح فوزي

حرير- عقب انتهاء قمة دول البريكس، أدلى وزير هندي بتصريحات صحفية ذكر فيها أن التخفف من الدولار، أو عدم الاعتماد عليه في المعاملات الدولية حلم بعيد المنال، ولاسيما أنه له قواعد راسخة في النظام الاقتصادي العالمي، تشكلت عبر عقود من الهيمنة الاقتصادية الأمريكية.

كلام المسئول الهندي مهم في مواجهة التوقعات المتزايدة التي سادت الأيام الماضية منذ دعوة مصر إلى الانضمام إلى تكتل البريكس، وتشير إلى قرب التخلص من الدولار. صحيح أن البريكس يوفر إمكانية الاعتماد على العملات المحلية بين الدول في مجال التجارة البينية، ولكن لا يعني ذلك بأي حال من الأحوال التخلص من هيمنة الدولار في مجال التجارة العالمية في المدى المنظور.

ولم يكن التفكير في العدول عن العملة الخضراء ملحا وضاغطا إلا عندما واجهت مصر تحديات في الحصول عليها، وسد العجز بين العرض والطلب، والذي يبدو مستمرا لفترة قادمة. والحل في مزيد من توفير الدولار، بحيث يزداد العرض، ويقل الطلب، أو على الأقل تتراجع الفجوة بينهما.

وفي الفترة المقبلة لن يتسنى ذلك إلا من خلال تدابير مصرية في المقام الأول، قد يكون من بينها تشجيع الاستثمار، أو بيع الأصول، وكلاهما من الإجراءات التي تستغرق وقتا بحكم طبيعتها، في حين أن هناك إجراءات يمكن القيام بها، تساعد على توفير الدولار، أبرزها السياحة، وقد حققت مصر طفرات الشهور الماضية أكثر من ذي قبل، ويمكن المضي قدما في هذا الاتجاه، من خلال تنويع المنتجات السياحية. يضاف إلى ذلك تشجيع الصادرات على نطاق أوسع، مثل المنتجات الزراعية والصناعية، خاصة التي تعتمد على مواد خام أولية ووسيطة منتجة محليا، دون حاجة إلى استيرادها، وفي حالة حتمية الاستيراد ينبغي أن نعطي أولوية لاستيراد المواد الوسيطة لتعزيز الصناعة الوطنية، ومن ثم إتاحة مجالات أوسع للصادرات المصرية، والحصول على العملة الصعبة، وقد تكون هناك فرص للمنتجات المصرية على نطاق أوسع سواء في أفريقيا، والدول الحدودية مثل ليبيا، من هنا جاء تطوير منفذ السلوم، بما حمله من فرص تجارية بين مصر وليبيا.

يساند لك أمران، الأول التقليل من الواردات الخارجية، وتوفير بدائل محلية لها، وكذلك توفير حوافز حقيقية للإنتاج، والتصدير، بما في ذلك خصم نسبة معينة من الضرائب المستحقة على الشركات التي تزيد صادراتها إلى الخارج، وتشجيع القطاع الخاص على تطوير الأداء من خلال الجودة، وخدمات بعد البيع. والدليل على ذلك أن المنتج المحلي له حضور، وقادر على المنافسة في بعض المجالات، والسبب هو الجودة وخدمة العملاء، فمن الخطأ الربط دائما بين شراء المنتج المحلي والوطنية، لأن افتراض أن المستهلك مضح وباذل، يتعارض مع النظريات الاقتصادية التي تفترض في المستهلك أنه عاقل ورشيد، يبحث عن أفضل الاختيارات، وفي أوقات الأزمات الاقتصادية يزداد ميل المستهلك إلى المصلحة المباشرة أكثر من أي اعتبارات أخلاقية أو قيمية. من هنا فإن المدخل الأساسي لتدعيم المنتج المحلي هو الكفاءة، والجودة، وحسن الخدمة.

مقالات ذات صلة