الأمة خربانة … حاتم الكسواني

يقف المتأمل بحال الأمة مشدوها بما وصلت إليه من تراجع في القيم و الأخلاق وعدم الإلتزام بثوابت الأمة وقضاياها المصيرية في كافة الشؤون السياسية والإجتماعية والأقتصادية  .

فلا إستقلال للقرار الوطني في غالبية الدول العربية بل إرتهان لقوى الإمبريالية والإستعمار العالمية “الإستعمار الإقتصادي والقيمي والعسكري المتمثل بالقواعد العسكرية الأمريكية والغربية هنا وهناك في دول وطننا العربي ” .

اقول هذا بعد ان طالعتنا الأخبار بتصميم الإنقلابيين العسكر في السودان بتوقيع إتفاقية تطبيع مع العدو الصهيوني في الوقت الذي يوغل هذا العدو بالدم الفلسطيني ويستولي شيئا فشيئا على الأرض والأماني والتطلعات الفلسطينية . ليس هذا فحسب بل ان دول السلام و التطبيع العربي الأخرى قد صمت الآذان واطبقت العيون وبلعت الألسن عن كل فعل شائن يقترف بحق الفلسطينيين .

ولقد أسمعت لو ناديت حيا … ولكن لا حياة لمن تنادي .

وفي الجانب القيمي المحرك للهمم والنخوة والرجولة العربية نجد تراجعا بعد إستهداف نال فئة الشباب العربي بمجموعة برامج الآيدول وبرامج محاكاة الواقع ودعوات إحترام حقوق المثليين و التمرد والإنفلات الإجتماعي لكافة فئات المجتمعات العربية تحت شعارات الحقوق  والحريات غير المنضبطة التي تنشط منظمات حقوق الإنسان المدعية ، والمنظمات الدولية المدعومة من السفارات الأمريكية وسفارات الدول الغربية الضاغطة على الحكومات لتيسير شان نشاطاتها المشبوهة في مجتمعاتنا .

إن ما دفعني لكتابة هذا المقال هو إطلاعي على  نتائج إستطلاع جوجل حول مهنة المستقبل التي يسعى اليها  الشباب العربي ، ويصعقك انها تركزت في التطلع للوصول لمهن الشهرة ” مطرب  ، يوتيوبر ، مؤثر ، مدرب او لاعب كرة قدم ، كوميدي ، وفي احسن الأحوال كاتبأ او  شاعرا ” كشاعرالمليون ” .

وهنا نتسائل اين مهن الإنجاز والعلوم في اماني الشباب العربي ،  كالكيميائي ، والفيزيائي ، والطبيب ، والمهندس ، والسياسي ، والصانع  والمزارع … تلك المهن التي ترتبط بالأرض والإنسان  وحب الوطن و الإنتماء إليه … اين تبخرت من عقول الأجيال وامنياتها مثل هذه المهن ، ولماذا أصبحت أعز أمانيهم الهجرة نحو الغرب حيث يواجهون التهميش والعنصرية ونظرات الريبة والشك .

من المسؤول عن ذلك ؟!

هل هو غياب التربية الوطنية في المدارس والجامعات ووسائل الإعلام  ؟!

ام  انه غياب السياسات الحكومية وتعاميها عما يحاك ضد الأجيال ؟!

قطعا انهما السببان  .

وبعد نقول واأسفا على أمة من بين أمم الأرض فقدت إحترام الآخر لها …أمة لاتربي أجيالها ولا تصيغ مشروعها الوطني ورسالتها.

واأسفا على أمة لاتزرع غذائها ، ولا تصنع سلاحها ، ولا تسيطر على مصادر مياهها وثرواتها …يسرق نفطها تحت نظر اعينها في العراق وليبيا وسوريا و على طول شواطئها قبالة البحر الأبيض المتوسط ..و تستباح وتحتل وتقسم اراضيها  في المغرب وسوريا والعراق وفلسطين والسودان و ليبيا واليمن ..و هنا وهناك على طول الوطن العربي وعرضه .

ويبقى السؤال الكبير  متى تصحو  هذه الامة وتعود لرشدها  ،فنجدد  صيحة الشاعر الدمشقي  خيرالدبن الزركلي في أبياته  التي اعادها على مسامع القادة العرب يوما  في خطابه في الحرم المكي الشريف  الداعية الشيخ ابو الحسن الندوي وتقول   :

عين الحمى تبكين     والسحب تبكينا

لكل أمر حين        خلّ البكا حينا

هات صلاح الدين    ثانية فينا

الشامخ العرنين   عزا وتمكينا

وجددي حطين   أو شبه حطينا

 

مقالات ذات صلة