قرار الجنائية الدولية فرصة لا تضيع … حاتم الكسوانى

أعلنت المحكمة الجنائية  الدولية عن قرار ولايتها القضائية على الأراضي الفلسطينية ، وهو  أمر يعطيها حق  التحقيق  بجرائم الحرب التي ترتكب في الأراضي الفلسطينية من قبل  الكيان الصهيوني ضد الفلسطينين في الأراضي المحتلة منذ عام 1967 وهي غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.

وما أن أعلنت المحكمة الجنائية قرارها هذا حتى انبرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين  نتنياهو للقول  بأن قرار المحكمة الجنائية هو قرار معاد للسامية، و ينال من حق الدول الديموقراطية في مكافحة الإرهاب وان المحكمة بهذا القرار تثبت بأنها هيئة سياسية وليس قضائية.

نتنياهو شخصية أفاقة تؤمن بأن كذبها هو الحقيقة الوحيدة التي لا يجوز عدم تصديقها، وهو مجرم من ثوب المجرمين الأوائل للعصابات الصهيونية (الهاجانا والأرغون وشتيرن ) التي إقترفت كل  جرائمها ضد الفلسطينيين عام 1948 ،  واستغلت كل فرصة للدفع بمعاداة السامية في وجه كل من يخالف مخطاطاتها.

فكل أعمال العنف والقتل التي تقترف اليوم ضد الفلسطينيين ترتكب بأمر منه ومن حكومته المتطرفة، ولولا ثورة وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي التي تنقل كل دبيب نملة في الأرض المحتلة لما تورع هذا المجرم من إتباع ذات أساليب اجداده في إقتراف جرائم القتل الجماعي والتهجير القسري للفلسطينيين، ولكنه تبعا للظروف السائدة  إستبدلها بأسلوب القهر، والتضييق، والتطفيش العنصرية ، والقتل الفردي اليومي  لكل شاب فلسطيني تنفرد به قواته المجرمة بلا سبب، ووفق نظرية الخطوة خطوة الكيسنجرية.

من المهم الآن ان تحاسب الجنائية الدولية نظام الفصل العنصري والعسف الإنساني الصهيوني على جرائمه ضد الفلسطينيين كما تمت محاسبة نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا بعد محاصرته دوليا حصارا امميا سياسيا وإقتصاديا ، فنظام الفصل العنصري النازي الصهيوني المجرم في إسرائيل سيواصل غيه وأساليبه الإجرامية إذا لم يوضع له حدا دوليا يمتد إلى التوقف عن مؤازرته، ودعمه، وحمايته من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والدول التي تدور في فلكها، بما فيها دول التطبيع العربي.

ومن الملفت للنظر عدم تأخر الولايات المتحدة الأمريكية، من إبداء قلقها حيال قرار الجنائية الدولية، ورفضها له، بتصريح واضح بالموافقة على جرائم الإحتلال الصهيوني في الأرض الفلسطينية، ولكن وفق مقاييس و معايير  ورؤى إدارة بايدن  الأمريكية الجديدة التي تهدف إلى إدارة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني دون إنهائه بتحقيق الأمن والإستقرار والسلام للمجتمع الفلسطيني.

لقد تعب  الشعب  الفلسطيني من سلسلة الإجراءات والقرارات والأفعال الطويلة والأزلية المعادية لحقوقه التي إقترفتها الإدارات الأمريكية المتتابعة ضده وضد مصالحه.

وعليه فقد أحسنت السلطة الوطنية الفلسطينية عندما أعلنت بأنها لن تقبل بأمريكا كوسيط وحيد ومنفرد لحل القضية الفلسطينية حتى مع  تولى إدارة بايدن لسلطاتها الدستورية ،   بسبب عدم ثقتها بالسياسات الأمريكية االملتزمة بالحفاظ على أمن إسرائيل ووجودها رغم كل ما تقترفه من أفعال منافية لحقوق الإنسان وشرعة الأمم المتحدة  .. بل ولأنها مرهونة لرغبات إسرائيل  وسياساتها.

ومابين الإدانة الإسرائيلية والقلق الأمريكي من قرار الجنائية الدولية، فنحن  بحاجة لموقف مؤازرة ودعم عربي له ، لا يقف عند حد الترحيب به كما فعلت جامعة الدول العربية وبعض الدول العربية والإسلامية .

موقف يفعله حتى يبدأ بمحاسبة مجرمي الحرب الصهاينة على جرائمهم المتمثلة بقتل  أبناء الشعب الفلسطيني ، وحرقهم أحياءا ، وإنتهاك حقوق أسراه وشهدائه ،  وهدم منازله، ومصادرة أراضيه ، وبناء مستوطناته غير الشرعية عليها، وجرف مزارعه، ووضع حواجزه وأسواره التي تحد من حركته، ومزاولة نشاطاته السياسية و الإجتماعية والإقتصادية بإنتهاك واضح لحقوقه الإنسانية والمدنية.

ولابد  من القول بأن قرار الجنائية الدولية قرار عملت السلطة الوطنية الفلسطينية مطولا للوصول إليه، وهو قرار يعتبر فلسطين دولة  محتلة معترف بها ، وله حق الولاية القضائية عليها بحكم إحتلالها… وهو بذلك قرار  هام  يجب علينا  عدم  تضييعه  بإهماله وإستخفاف التعامل معه.

ولابد أيضا من القول  بأن الصورة واضحة، والأمور جلية أمام نواظر شعوبنا العربية ، وكل ما نحتاجه قولة “لا” نساندها حتى ننهي حالة الهيمنة والإرتهان لدى إدارات أمريكية وعدو صهيوني لا تقف عند حد في إستغلالها لنا دون أمم الأرض كلها.

مقالات ذات صلة