باي باي لينين

حرير- ما زلنا نحارب التحديات الجديدة بالأسلحة القديمة التي لم تنجح في حينها …. أي أننا نجرب المجرب الذي جربناه وفشل، المرة تلو المرة، ما زلنا نطلق ذخائر القلب من شتائم ودعوات ضد العدو (الغاشم)…. نوسعهم شتما وهم يودون بالإبل والبعارين وخيمة الشيخ ودلال قهوته.

في فيلم (وداعا لينين) تصاب أم الشاب الألماني الشرقي بجلطة قلبية قوية قبيل سقوط جدار برلين عام 1989، وتستمر في غيبوبة دامت لأشهر، إلى ما بعد توحيد الألمانيتين، وإلغاء الجدار تماما، وانهيار الحكم الشيوعي الموالي لموسكو، بعد اتفاق بين ريجان وغورباتشوف أبو طبعة جنان.

أم الشاب قيادية وشيوعية متحمسة، وكان يمكن ان تستوعب الصدمة، كما استوعبها غيرها لو عاشتها تماما، لكن الطبيب حذر ابنها بأن قلب أمه ليس بكامل كفاءته، وأنها ستصاب بجلطة وتموت، إذا سمعت بهذه التغيرات المفاجئة غير المتوقعة.

لا اذكر تفاصيل الفيلم تماما، لكني أذكر أن الشاب كان يحاول ان يبعد الوالدة الرؤوم عن رؤية الواقع الجديد، فإذا نظرت من الشباك مثلا، وشاهدت لافتة (كوكا كولا) تعلو فضاء برلين الشرقية، وتفاجأت، قال لها الشاب، بأن شركة المشروب المحلي الألمانية الشرقية، قد حصّلت أرباحا خيالية، واشترت شركة كوكا كولا، وهذا الشعار صار ملكنا…وهكذا عاشت الحجة الإشتراكية في بحر من الأكاذيب. لكني لم اعرف النهاية، فلم أكمل المشاهدة.

لم أكمل مشاهدة الفيلم لأني شعرت أننا جميعا نعيش في فيلم مشابه تماما، لا بل في عدة افلام مركبة نشاهدها ونمثّل فيها ونخرجها وننتجها، نحن جميعا نشارك في التآمر على أنفسنا وعلى خداع ذواتنا، لأننا نخشى ان نعترف بالواقع والحقيقة، ونرفض التعامل معها.

لم أكمل مشاهدة الفيلم، لأني شعرت أن جميع طروحاتنا لحل مشاكلنا الحالية هي طروحات تشبه الحلول المؤقتة والتسويفية التي كان يمارسها الشاب مع أمه، لحين أن يأتي هادم الملذات ومفرق الجماعات……جنرال الموت.

نحن بحاجة إلى أسلوب جديد لمواجهة المستجدات والتحديات الجديدة…. للأسف لا اعرفها، لكني أعرف أنها ينبغي أن تكون مواجهة حقيقية، بأدوات عصرية، وليست حرب دعوات بالموت والتشتت، بينما في الواقع نحن من يتشتت ونحن من يموت.

شبعنا موتا وأشبعناهم شتما.

مقالات ذات صلة