توت توت .. ع التابوت!

يوسف غيشان

حرير- تقول الحكاية ، التي حوّلها الفريد هيتشكوك إلى فيلم مرعب ، تقول بأنّ رجلاً حكم عليه بالسجن في جزيرة نائية ، وكان يبحث بشكلٍ دائم ودؤوب عن طريقة للهرب من وضعه البائس .. ومع مرور الزمن نجح في رشوة أحد الحرّاس من أجل تسهيل هروبه من السجن، واتفقا على خطّة محكمة.

تقوم الخطّة على أن يتمدّد السجين في التابوت فوق أوّل ميّت في السجن، ويغلق على نفسه، حيث تقوم إدارة السجن في المساء بنقل التابوت ودفنه في المقبرة خارج السجن .. واتفق السجين مع الحارس على أن يقوم الحارس بإخراجه من القبر بعد أن يغادر العمال الذين دفنوه .. فيهرب الرجل .. خطّة ممتازة !

انتظر الرجل إلى أن توفّي أحد الموجودين داخل السجن، ثمّ تسلّل إلى التابوت قبل أن يحملوه إلى الخارج ، ودسّ نفسه فوق الميّت وأغلق باب التابوت بتؤدّة .. بالفعل ، جاء العمال بعد قليل وحملوا التابوت إلى المقبرة خارج سور السجن ، و وضعوه في الحفرة ، وأهالوا التراب عليه .. وغادروا.

رغم الجوّ المرعب ، إلاّ أنّ السجين كان فرحاً لأنّ موعده مع الحرية على وشك التحقّق ، وما عليه سوى أن ينتظر قليلاً ، إلى أن يبتعد العمال ، فيحضر الحارس المرتشي ، ويحفر القبر ويخرجه، حسب الاتفاق .. أنصت إلى كلّ ما يمكن أن يسمعه من اقتراب خطوات الحارس.

دقيقة .. دقيقتان .. عشر دقائق .. مرّت و لم يأت الحارس .. ما الذي أخره ؟ سوف أوبّخه على التأخير ، و أحسم عليه قليلاً من المبلغ المتّفق عليه .. هكذا قال السجين المدفون في ما كان يهجس به ، لكنّه تراجع وقال : لا بل سأوبخه فقط .

عشر دقائق أخرى ولم يأت الحارس ، شعر الرجل بالقلق، الهواء ينفذ بالتدريج داخل التابوت ، تصبّب عرقاً ، وتسارعت أنفاسه .. أشعل قداحته ليرى الجو المحيط به .. ولاحت منه التفاتة إلى الميّت تحته ..!!

كان الميت هو الحارس الذي اتفق معه على إخراجه من التابوت.

المقصود :

كم من فكرة .. و كم من نظريّة .. و كم من أيدولوجيا وعدتنا بأن تخرجنا من سجن التاريخ .. لنكتشف أنّ من وعدنا بإخراجنا من السجن مات قبلنا.

يا للرعب !!

مقالات ذات صلة