الإصلاح الغائب عن النواب والوزراء… ماهر ابو طير

أغلب خطابات النواب يوم امس، خلال مناقشات الثقة، بخصوص حكومة د. عمر الرزاز، تفيض بالشخصنة، واذا عدنا الى خطابات كثيرة، وجدنا ان بعضها يتسم بهذه السمة حصرا.
في نهاية المطاف، ستحصل الحكومة على الثقة، وسيعود النواب والوزراء، الى مربعهم الاول، بعد موسم الكلام، الذي لا يغير من الواقع شيئا، لان آليات الرقابة في الاردن، معطلة، ويحل محلها ممارسات شكلية، تصفي الحسابات، او تثأر بأثر رجعي، من هذا او ذاك، او تعلي شأن من تحب، وتحط من شأن من تكره، هنا وهناك، وهذا هو الواقع الذي لا يمكن تجميله ولا تحسين صورته.
لا توجد حتى الان، اي ممارسة نيابية، تستند الى خبرات، اذ ان الحديث مثلا عن الموازنة، بحاجة خبراء، فأين هم الخبراء الذين يستند اليهم النواب لاستشارتهم، قبل الادلاء بنقدهم او اقتراحاتهم، والامر يمتد الى كل الملفات التي تتعلق بأداء الحكومات، وما نعنيه هنا، ان النواب يقدمون رأيا شخصيا، قبل ان يكون رأيا مستندا الى خبرات سياسية وقانونية واقتصادية.
قيل مرارا ان النواب مثلهم مثل الوزراء، بحاجة الى ورش تأهيل حول الاداء، حتى لا نبقى نتخبط، بأداء ضعيف، او شخصي، او سلبي في حالات كثيرة، لكن كل الآليات لا تزال كما هي، من آليات تشكيل الحكومات، واختيار الوزراء، مرورا بطريقة الانتخاب واختيار الناخبين لنوابهم، ووصولا الى التقاء الطرفين معا، تحت قبة البرلمان، ولا شك ابدا، ان الهشاشة السياسية، سمة غالبة، بعد تراجع كل الاصلاحات السياسية، في الاردن، لصالح تمرير المراحل بأقل كلف ممكنة.
لقد آن الأوان، ان تجري تغييرات عميقة، اولا على قانون الانتخاب، وعلى النظام الداخلي لمجلس  النواب، وآليات تشكيل اللجان، وتأهيل النواب قبل انطلاق اعمال اي مجلس لعدة شهور، لفهم دور النائب، وصولا الى آليات تشكيل الحكومات، واختيار الوزراء، وشكل الثقة، وتوقيتها، وتعهدات الحكومات للنواب وللمجتمع، وبدون ذلك، تبقى كل الحالة التي امامنا، حالة شكلية، لا تغير من الواقع شيئا، بل تزيده ضعفا فوق ضعفه، وقد جوبه انصار الاصلاحات، بحملات تشكيك، هذا على الرغم من ان الاصلاح هنا، يعني انتاج مؤسسات سياسية محترمة تدافع عن الدولة والمواطنين، بدلا من مؤسسات ضعيفة مثل التي نراها، وهو ضعف مقصود، لغاية ادارتها، من جهات مختلفة، دون صداع، وبأقل الكلف.
لم نسمع عن خمسة نواب، عقدوا جلسة عمل مع خبراء اقتصاديين، او اجتماعيين، او سياسيين، من اجل مراجعة ملف واحد، من الملفات التي تواجهها الدولة، وتقديم توصيات ومبادرات الى الحكومة، ولا يزال كل نائب يرتجل وحيدا ومنفردا، حتى لو لم يكن صاحب خبرة فيما يقول، فيما الوزراء ذاتهم، الوجه الاخر لهذه المشكلة، بمعنى الخبرة، والقدرة، والاستطاعة السياسية.
لا يمكن تغيير كل هذه المعادلة، الا بتغيير الاسس، دستوريا وقانونيا، وبدون ذلك، سنبقى امام مجرد موسم للكلام، يتبارى فيه الجميع، نواب ووزراء، فلا يختلف الحال، قبل الثقة، عما بعدها، وهذا هو السبب الاساس، لكل هذا الاحباط الذي يشعر به الاردنيون في بلدهم.

مقالات ذات صلة