الفريق المتقاعد محمد الرقاد واولاده واحفاده في رثاء الزوجة والأم الحنون المرحومة الحاجة سناء ( ثناء ) عبدالحميد درويش الشلة ( ام عصام ) رحمها الله .

“يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضيةمرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي” صدق الله العظيم

زوجتي المرحومة أم عصام .. يا رفيقة الدرب 

  بعد مرور اربعين يوما على رحيلك لا ندري نرثيك أم نبكيك فالرثاء والبكاء امران محزنان  ومؤثران احلاهما مر ‏ ، وما أحزننا اكثر إنك رحلت ونحن ننظر إليك من خلف حجاب .. فقدناك وانت تنظرين إلينا وملء عينيك اسئلة كثيرة ،  لم نستطيع الإجابة عنها رغم وجود العديد من الأطباء والممرضين حولنا  ، والذين وضعونا  في حيرة طبية  مبهمة لا تفسير ولا معنى لها ، فكانت ارادة الله سبحانه وتعالى فوق إرادة الجميع  ، وفاضت روحك إلى بارئها مطمئنة راضية مرضية مع اذان صلاة الفجر .

فقيدتنا الغالية..  

  يفقد الإنسان بعض الأحبة من الأهل والأصدقاء ، وكل فقد  له معنى لكن فقدك وانت  ( الزوجة والأم ) امر مختلف وله معنى مختلف،لا يدركه إلا من ذاق مرارته  وأكتوى بنارة .. فالفقد عندنا هو الفراق الابدي ، وهو يعني بالنسبة لنا كفقد العين للبصر، وفقد الأذن للسمع،وفقد القلب للنبض ..لا بل هو أبعد من ذلك بكثير ..فهو يعني انفصال الروح عن الجسد …وهل يقوي الجسد بلا روح ‏ .. ؟ 

المرحومة أم عصام ..

رحلت ونحن بأمس الحاجة إليك ولم نكمل مشوار الحياة بعد ، فقد بقي لدينا بعض المحطات لننجزها  معا  ، وبعض النهايات التي لا تكتمل الا بوجودك معنا ..لكن مشيئة الله فوق كل اعتبار ،و أقوى من كل شيء ،فرحيلك عنا آلمنا واوجعنا ،وما آلمنا  اكثر انك رحلت  دون وداع ، وقبل وفاتك بساعات أخبرنا الطبيب -وزف إلينا الخبر كبشرى – ان وضعك الصحي قد تحسن و أنه يتجه نحو الأفضل ، مما اعطانا مزيد من الأمل بالشفاء وستعودين الينا من جديد فاطمأنت  قلوبنا وهدأت  نفوسنا ، ومع بزوغ الفجر كانت ارادة الله سبحانه وتعالى هي الأقوى ، فخطفك الموت باسرع مما نتوقع ، وهذا هو دأب الموت يأتي سريعا على حين غفلة . 

     الغالية أم عصام …

لقد تحملت ما يكفي من الأوجاع والآلام ‏، وكان لديك القدرة على فهم طبيعة مرضك ، وما لحق به من تداعيات ، وكنت تدركين  معنى ذلك وتصمتين ، وعندما اشتد عليك المرض في مراحله الأخيرة ، لجأت  إلى الله بالإستغفار  وطلب الرحمة والدعاء  الممزوج بالدموع ، وانت تتألمين من شدة الوجع، وقد آثرت  على نفسك الصبر والتحمل‏، خوفا علينا وخوفا على أن لا نراك  ضعيفة أمام قوة هذا المرض اللعين،لكن إيمانك بالقضاء والقدر وأن الموت حق،اعطاك قوة خفية على تحمل العلاج  الذي فرضه الأطباء،ولولا الرغبة في الشفاء  لما تحملت قسوة هذا العلاج،وشدة تأثيره على الأعضاء الحيوية في جسدك . 

وبعد كل جلسة علاج تعودين إلينا وانت اكثر ألماً  وأقل حيلة ، وتطلبين أن نتوقف وان  لا نعيدك إلى جلسات العلاج مرة أخرى،  لأنك فهمت ِطبيعة هذا المرض وصمته  القاتل  ..

الأم الغالية…

‏الموت حق كما هي الحياة ..وحب الحياة من طبيعة النفس البشرية التي تقاوم حتى اللحظة الأخيرة ، ومن نعم الله سبحانه وتعالى علينا ان رحمنا بالموت ، ففي الموت رحمة للنفس وراحة للجسد ، وان عزاءنا انك الزوجة الوفية والأم الحنون،ولم تبخلي علينا يوما بهذه الغرائز الفطرية،ومع الأهل والأقارب والصديقات كنت‏ كذلك البارة والصديقة الودودة ، وأن حقيقة موتك هي غيابك الابدي عن هذه الدنيا ورحيلك عنا وعن أهلك ،هو ترجمة لهذا الحق الرباني الذي لا مفر منه . 

ان محبيك وجيرانك وكل من تعرفين، قد شاركونا البكاء والعزاء واستقبال المعزين،وكانت مراسم العزاء والتشييع  والمواساة كبيرة بحجم حب واحترام الناس لك ، وتقديرهم لصفاتك النبيلة ، وكلمات المواساة التي سمعناها منهم ومن كل من عرفك او تعامل  معك،كانت هي البلسم الذي ضمد الجراح وسكّن الآلام . فنامي في جوار الخالق الواحد الأحد مطمئنة بقدر ما كنت كياناً رئيسيا في حياتنا ، نراك صباح مساء لنستلهم  منك العزم و القوة ،على مواجهة صعوبات الحياة وظروفها القاسية .

الفقيدة الغالية …

ان رحيلك كما هي حياتك ‏أنموذجاً للصدق  والوفاء حين خرج كل المحبين في وداعك الاخير ، وهم يدعون لك بالرحمة والمغفرة وكان بحق وداعا صادقا من القلب ،ملأ  المكان حباً و وفاءً، سيبقى محفوراً في الذاكرة إلى الأبد .. وداعا بقدر السنين التي عشتيها رغم الألم .. وداعا بقدر ما تحملت ِ من وجع وعانيتِ من تعب .. وداعا سيدة البيت ، والزوجة المخلصة رفيقة الدرب .. وداعا ايتها ‏الأم الحنون والجدة الغالية .. وداعا ايتها الملاك الطاهرة النقية ، إلى جنات الخلد راضية مرضية ،قريرة العين مطمئنة في رحمة الله ورضوانه . اللهم يا من اذقتنا مرارة فقدها ، اذقنا حلاوة اللقاء بها في جنات النعيم ،مع الذين انعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك  رفيقا ، وارحم روحها الزكية رحمة واسعة واجعلها من اصحاب اليمين وارزقها  ثباتاً ويقين. وأنا لله وأنا إليه راجعون.

 

 زوجك وأولادك وأحفادك

 

مقالات ذات صلة