ارتباك في تركيا.. التضخم “يخيف” المتسوقين والطوابير تنذر بأزمة

حرير _ وصلت الليرة التركية إلى أدنى سعر لها أمام الدولار بقيمة 13.47 متجاوزة أدنى مستوى لها الأسبوع الماضي، عقب تصريحات للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قال فيها إنه “لن يتنازل عن تخفيض قيمة الفائدة”.

وشوهدت طوابير الأتراك خارج مخازن الخبز ومحطات الوقود، فيما يصطف أيضا المزارعون المتخلفون عن سداد القروض، وتشهد إسطنبول أحيانا مظاهرات متفرقة في الشوارع.

وتقول صحيفة نيويورك تايمز إن “علامات الضائقة الاقتصادية في تركيا واضحة للغاية مع استمرار الليرة في انزلاقها المذهل”.

ومرت الليرة التركية بأسوأ فتراتها، حيث نزلت قيمتها من نحو8.5 مقابل الدولار في أواخر أغسطس الماضي إلى أكثر من 13 ليرة للدولار في ثلاثة أشهر فقط.

واندلعت احتجاجات متفرقة في جميع أنحاء تركيا ودعت أحزاب المعارضة الى سلسلة من التجمعات للمطالبة بتغيير الحكومة بعد أن انهارت الليرة بشكل حاد الأسبوع الماضي.

وفقدت العملة أكثر من 45 في المائة من قيمتها هذا العام، وما يقرب من 20 في المائة من قيمتها الأسبوع الماضي. ويربط خبراء الاقتصاد تدهور العملة بالتدخل المباشر للرئيس أردوغان في السياسة النقدية وتصميمه على خفض أسعار الفائدة.

وجاء الانهيار الأخير في العملة بعد أن ألقى أردوغان خطابا الأسبوع الماضي جدد فيه تصميمه على الإبقاء على أسعار الفائدة منخفضة كوسيلة لتعزيز النمو الاقتصادي.

 

أكد مجددا معارضته لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى فى تصريحات للصحفيين على متن طائرته لدى عودته من زيارة لتركمانستان، الاثنين.

 وقال للصحافيين “لم أدافع أبدا عن رفع أسعار الفائدة ولا أدافع عنها الآن ولن أدافع عنها أبدا”، وأضاف “لن أتنازل أبدا عن هذه المسألة”.

وأقال أردوغان ثلاثة من رؤساء البنوك المركزية لعدم توافقهم مع اعتقاده بأنه لا ينبغي رفع أسعار الفائدة.

وقد ناشد خبراء اقتصاديون ومسؤولون سابقون في البلاد الرئيس علنا تغيير مساره، حيث من غير المقبول نوعا ما أن لديه في الواقع سلطة على قرارات السياسة النقدية للبنك المركزي بدلا من أن يكون البنك مستقلا.

لكن أردوغان كان يعتقد منذ فترة طويلة أن ارتفاع أسعار الفائدة يتسبب في التضخم، بدلا من خفضه.

“أسعار الفائدة هي السبب، والتضخم هو النتيجة، حجتي لم تتغير، ما زلت أدافع عنها، أؤمن بها”.

ونقلت شبكة CNBC الإخبارية الأميركية عن محللين في كابيتال إيكونوميك التي تتخذ من لندن مقرا لها أن الليرة “تقع الآن في منطقة أزمة”، مضيفين أن “ارتفاع التضخم وتشديد الظروف المالية المحلية من المرجح ان يستنزفا انتعاش تركيا”.

وقال تيم آش، كبير استراتيجيي الأسواق الناشئة في “بلو باي لإدارة الأصول” للشبكة، إن تركيا “سجلت أرقاما إيجابية لنمو الناتج المحلي الإجمالي هذا الأسبوع، لكن ألم ضعف العملة يفوق تلك الأخبار الإيجابية”.

وكتب آش في مذكرة، الثلاثاء، إنه “قد يؤدي انخفاض المعدلات إلى نمو حقيقي مرتفع للناتج المحلي الإجمالي، ولكن على سعر عملة أضعف وتضخم أعلى ومخاوف على المدى الطويل بشأن الاستقرار المالي الكلي”.

وكان نمو الناتج المحلي الإجمالي في تركيا توسعا مثيرا للإعجاب بنسبة 7.4 في المئة في الربع الثالث على مدار العام، وتوسع بنسبة 2.7 في المئة عن الربع السابق، مدفوعا باستهلاك وصادرات الأسر والحكومة.

ولكن أزمة العملة وارتفاع التضخم يعنيان أن هذه الأرقام بعيدة كل البعد عن الصورة الكاملة.

واقع سياسي متوتر

واحتجز عشرات الأشخاص لانضمامهم إلى احتجاجات الشوارع، واعتقلت الشرطة 70 شخصا فى عدة مناطق فى إسطنبول الأربعاء الماضي خلال احتجاجات على إدارة الحكومة للاقتصاد.

وقد أصدر اتحاد نقابات العمال بيانا صريحا قال فيه “هذا يكفي، لا يوجد شيء آخر، نريد تغطية نفقاتنا، البطالة، وارتفاع تكاليف المعيشة، وارتفاع الأسعار، والفواتير تكسر ظهورنا”.

ونقلت نيويورك تايمز عن أتراك شكاواهم من انخفاض القيمة الشرائية لليرة.

وقالت امرأة مسنة متقاعدة للصحيفة إن “أموالنا لم يعد لها قيمة بعد الآن”.

وقالت الصحيفة إن “التضخم يخيف المتسوقين المحليين ويدفع المنتجين إلى اكتناز السلع مما جعل الأعمال التجارية تتوقف في البلاد”.

وجددت أحزاب المعارضة دعوتها الحكومة إلى الاستقالة ودعوة أردوغان والبرلمان إلى إجراء انتخابات مبكرة.

لكن هذه الدعوة لا تبدو سهلة التحقيق، فالمعارضة لا تمتلك المقاعد البرلمانية الكافية، وقد يؤدي تصعيد الأوضاع إلى دفع إردوغان لإعلان حالة الطوارئ.

ونقلت الصحيفة عن سياسيين أتراك قولهم إن “إردوغان الذي ينزلق في استطلاعات الرأي، لن يدعو إلى انتخابات مبكرة في هذه الظروف”.

وصعد الرئيس التركي لضغط على خصومه باحتجاز ميتين  غوركان، وهو محلل عسكري وسياسي وعضو بارز في حزب معارض ناشئ بتهمة التجسس.

إعادة تشغيل الاقتصاد

وقد وعد أردوغان بأن أسعار الفائدة المنخفضة ستساعد على إعادة تشغيل الاقتصاد في غضون ثلاثة إلى ستة أشهر، ولكن خبراء الاقتصاد قالوا إنهم لا يمتلكون ثقة كبيرة في سياساته في هذه المرحلة.

وقالت أتيلا يسيلادا، محللة الاستثمار فيغ لوبال سورس بارتنرز لنيويورك تايمز “لا أعتقد أنه سيحصل على ثقة الأمة بعد الآن”.

ودفعت الأزمة بعض مؤيدي أردوغان، مثل الكاتب عبد القادر سيلفي، من صحيفة حريت التركية اليومية، إلى القول إنه لا يتفق مع السياسة الاقتصادية لأردوغان.

وحذر سيلفي قائلا “لا يمكننا تجاهل ما يحدث اليوم، وأضاف “يجب أن نبقى أقوياء لكن يجب الا يغيب عن بالنا أن الاضطرابات الاقتصادية الواسعة لها عواقب سياسية واسعة”.

وقال المحلل إن النقص آخذ في الظهور، بما في ذلك الأدوية والمعدات الطبية المستوردة، وحتى في المخابز.

 وقال إن رغيف الخبز لا يزال يباع بسعر 2.5 ليرة، أو حوالي 20 سنتا، لكن المخابز تشكو من أن تكاليف الرغيف أقرب إلى 4 ليرات للرغيف.

وقال “قريبا سيغلقون المخابز ثم سنخوض أعمال شغب من أجل الخبز”.

ويجبر ارتفاع الأسعار الشباب الأتراك على التخلي عن نشاطاتهم الترفيهية، مما يفاقم غضبهم.

وقال بعضهم للصحيفة “كنا قادرين على الذهاب لتناول الشاي مع أصدقائنا في مقهى في مكان ما، ولكن الآن يكلف كوب من الشاي 7 ليرات، وبالتالي لا نذهب”.

وأضافت إحداهم “لقد توقفت حياتنا الاجتماعية، والآن كما لو أننا نعيش فقط من أجل البقاء”.

وقد أعرب بعض الأتراك عن قلقهم إزاء قدرتهم على تحمل تكاليف السلع الأساسية مثل النفط والسكر والدقيق”.

وقالت الصحيفة إن العديد من الشباب يغادرون البلاد للعمل بوظائف متدنية مثل المنظفين والندل في الخارج”.

 

مقالات ذات صلة