ما سر الاستبعاد الأمريكي لإدلب من استثناءات عقوبات “قيصر”؟

أثار عدم شمول إدلب بالاستثناءات من عقوبات قانون “قيصر” الأمريكي لحماية المدنيين في سوريا، وهي الاستثناءات التي منحتها إدارة الرئيس جو بايدن مؤخراً لمناطق في شمال وشمال شرق سوريا، انتقادات وحفيظة تركيا التي وصفت خطوة واشنطن بـ”الانتقائية والتمييزية”.

وكانت الإدارة الأمريكية قد استثنت مناطق محددة في حلب والحسكة ودير الزور، خاضعة في غالبيتها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) باستثناء مناطق “أعزاز والباب” في منطقة العمليات العسكرية التركية “درع الفرات”، من عقوبات قيصر.

وأكدت الإدارة، أنها أخرجت من قائمة العقوبات قطاعات الزراعة والاتصالات والبنى التحتية (كهرباء، ماء، نفايات) والبناء والطاقة النظيفة والتمويل والنقل والتخزين، إضافة إلى القطاعات المتعلقة بالخدمات الصحية والتعليم والتصنيع والتجارة.

وفي ردها على ذلك، قالت أنقرة على لسان وزير خارجيتها مولود تشاووش أوغلو، إن الولايات المتحدة تبدي المرونة تجاه المناطق التي تحتلها “قسد” على وجه الخصوص، مشيراً إلى أن الاستثناءات تشمل المنطقة التي طهرتها تركيا من تنظيم “داعش”، لكنها لا تشمل مناطق تم تطهيرها من الوحدات الكردية مثل عفرين.

واعتبر تشاووش أوغلو أن إدلب هي المنطقة الأكثر حاجة لدعم المجتمع الدولي في ما يتعلق بالمرونة في العقوبات، مبيناً أن إدلب تضم ملايين النازحين، وتركيا تواصل بناء منازل الطوب في المنطقة (…) يتعين على المجتمع الدولي دعم ذلك.

واعتبر الوزير التركي أن شمول إدلب بالمناطق المستثناة من العقوبات سيكون من شأنه إفساح المجال أمام تقديم الدعم للمنطقة.

 

اعتبارات سياسية

ويرى الباحث الاقتصادي الدكتور يحيى السيد عمر، أن عدم شمول إدلب بالاستثناءات من قانون “قيصر” ينطوي على اعتبارات سياسية.

وفي حديثه لـ”عربي21″ يوضح عمر أن لـ”هيئة تحرير الشام” المسيطرة على إدلب اعتبارات سياسية خاصة، حيث تتهم بأنها فصيل إسلامي متشدد، إضافة إلى تهم “الإرهاب”.

وأضاف: “لذلك لم يتم استثناء إدلب من العقوبات حتى لا يبدو الإجراء الأمريكي وكأنه بمثابة الدعم غير المباشر للهيئة”، معتبراً أن “العامل السياسي حاسم في هذا الشأن، فالولاء السياسي لـ”قسد” تجاه الولايات المتحدة لعب الدور المباشر في استثناء مناطق شمال شرق سوريا من العقوبات”.

 

“حكم قسد”

وفي السياق ذاته، يعزو الدبلوماسي السوري السابق في واشنطن، بسام بربندي، عدم شمل إدلب إلى سيطرة “تحرير الشام” المصنفة “إرهابية”.

ويقول لـ”عربي21″ إن ما أقدمت عليه أمريكا لا يخدم سوريا، لأن الإعفاءات عمليا كرست حكم “قسد” ذات الصبغة الكردية في منطقة تقطنها أكثرية عربية، وقد تؤدي مستقبلاً إلى تقسيم سوريا.

ويعتقد أن تركيز واشنطن على العامل الاقتصادي لن يحل المشكلة في سوريا، منوها إلى أن “المطلوب من واشنطن كان صياغة عقد اجتماعي جديد في منطقة الجزيرة السورية، يضم كل مكونات المنطقة (عرب، كرد، سريان، تركمان)، ودعم هذا العقد بالمنظومة العسكرية الأمريكية المتواجدة في المنطقة، لبناء نموذج سوري يمكن البناء عليه مستقبلاً”.

 

من جانبه، يصف الكاتب الصحفي التركي عبد الله سليمان أوغلو، عدم شمل إدلب وحتى عفرين بـ”القرار الغريب”، من الجانب الأمريكي، معتبراً في حديثه لـ”عربي21″ أنه “لا يمكن تفسير ذلك إلا بالانتقائية، حيث تمنح واشنطن للحلفاء الاستثناءات، ولا تشمل غيرها”.

وأبعد من ذلك، يشير الكاتب الصحفي التركي إلى وجود منظمات مدعومة أمريكية تعمل في إدلب، مضيفا أنه “لا يمكن تفسير هذا التناقض في التعامل الأمريكي، وخصوصاً أن إدلب هي البوابة الوحيدة لإدخال المساعدات الإنسانية الأممية نحو الشمال السوري”.

ومن المرتقب أن يجري وزير الخارجية التركية مولود تشاووش أوغلو زيارة لواشنطن في  18 أيار/ مايو الحالي، ويرى البعض أن احتمالية شمول إدلب وبقية المناطق الخاضعة للنفوذ التركي في الشمال السوري بالاستثناءات من “قيصر” تبقى واردة.

مقالات ذات صلة