الأمم المتحدة: جائحة كورونا تتسبب بخسائر في التعليم “يكاد يتعذر تجاوزها”

حرير _ يحيي الأردن والعالم، في 24 كانون الثاني/ يناير من كل عام “اليوم الدولي للتعليم“، الذي يحلّ في هذا العام ولا تزال أزمة جائحة كورونا مستمرة في زيادة اضطراب العملية التعليمية في جميع أرجاء العالم.

ويعد اليوم الدولي للتعليم لهذا العام بمثابة منصة لإبراز أهم التحولات التي يجب رعايتها في دعم الحق الأساسي لكل فرد في التعليم وبناء مستقبل أكثر استدامة وشمولية وسلاما، حيث سيفتح النقاش حول كيفية تعزيز التعليم لخدمة المصلحة العامة، وكيفية توجيه التحول الرقمي، ودعم المعلمين، وحماية الكوكب، وإطلاق العنان لإمكانات كل شخص للمساهمة المشتركة في الرفاهية الجماعية.

ويعني “الاضطراب في التعليم” أن ملايين الأطفال فوّتوا بشكل كبير التعلم الأكاديمي الذي كانوا سيحصلون عليه لو كانوا في الفصل الدراسي، حيث يواجه الأطفال الأصغر سنا والأكثر تهميشا أكبر خسارة.

وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) من أن أكثر من 635 مليون طالب وطالبة لا يزالون متضررين من الإغلاق الكامل أو الجزئي للمدارس، مع دخول جائحة كورونا عامها الثاني، مما يتسبب بفقدان المهارات الأساسية لتعلّم الحساب والقراءة والكتابة للكثير منهم.

وفي بيان، قال المدير العالمي للتعليم في يونيسف، روبرت جينكينز: “في شهر آذار/ مارس، يكون قد مرّ عامان على الاضطرابات المرتبطة بكورونا في التعليم العالمي. بكل بساطة، نحن ننظر إلى حجم خسارة يكاد يتعذر تجاوزها في تعليم الأطفال”.

منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، أشارت في تقريرها العالمي، عن مستقبل التربية والتعليم، إلى أنَّ إحداث تحوُّل في المستقبل يقتضي إعادة التوازن على وجه السرعة إلى علاقاتنا مع بعضنا البعض ومع الطبيعة، وكذلك مع التكنولوجيا التي تتغلغل في حياتنا حاملة معها فرصاً لإحراز التقدم من جهة، ومثيرة مخاوف شديدة بشأن الإنصاف والإدماج والمشاركة الديمقراطية من جهة أخرى.

واليوم، ما زال 258 مليون طفل وشاب غير ملتحقين بالمدارس؛ وهناك 617 مليون طفل ومراهق لا يستطيعون القراءة والكتابة والقيام بعمليات الحساب الأساسية.؛ وفي إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، يقل معدل إتمام المرحلة الدنيا من التعليم الثانوي عن 40%.

ويبلغ عدد الأطفال واللاجئين غير الملتحقين بالمدارس نحو 4 ملايين نسمة، ومن ثم فإن حق هؤلاء في التعليم يتم انتهاكه، وهو أمر غير مقبول.

“دعوات لإبقاء المدارس مفتوحة في الأردن”

وفي الأردن، دعا ممثلو منظمات الأمم المتحدة والبنك الدولي في الأردن، الأربعاء، أن تكون المدارس آخر القطاعات المُغلقة وأول القطاعات المفتوحة؛ للحد من وقوع خسائر في التعلم قد تنعكس على الأطفال لسنوات مقبلة.

كما دعا ممثلو منظمات “يونسكو ويونيسف” ومنظمة الصحة العالمية، إضافة إلى البنك الدولي حكومة الأردن إلى تجنب عكس سنوات التقدم في التعليم، من خلال الاستمرار في تطبيق الإطار الآمن لإعادة فتح المدارس الذي يسعى إلى الحفاظ على أن يكون التعلم الوجاهي في المدارس متاحا لغالبية الطلبة، فكلما امتد إغلاق المدارس نتيجة إجراءات فيروس كورونا المُتبعة في الأردن، انعكس سلبًا على الأطفال والشباب.

ممثلة يونيسف في الأردن، تانيا تشابويزات، قالت، إنّ “الوقت عامل جوهري لمساعدة الأطفال الذين فقدوا ما يقرب من عامين من التعلم الوجاهي”.

وأضافت: “يجب أن ينصب التركيز على إعادة الأطفال الأكثر هشاشًة إلى مقاعد الدراسة، لحمايتهم من التبعات الخفية للجائحة التي تتمثل في عمالة الأطفال والزواج المبكر والأثر النفسي الاجتماعي؛ مما يجعلهم الأكثر عرضة لخطر التسرب من المدرسة”.

وقالت ممثلة منظمة الصحة العالمية في الأردن جميلة الراعبي “لقد وضعت جائحة كورونا قيودًا وضغوطًا هائلة على الأطفال في كل مكان. إن العودة إلى المدرسة تعد وقتًا ممتعًا للأطفال” حيث تسهم في تطورهم البدني والعقلي. إنه المكان الذي يتعلمون فيه وينموون ويتفاعلون مع الآخرين.

“لا ينبغي اعتبار إغلاق المدارس في الأردن خيارا كما كان في وقت سابق من الجائحة، وذلك نظرًا لأن الأردن يعد رائدا إقليمياً في تهيئة المدارس بشكل فعال تمهيداً لإعادة فتحها، وذلك من خلال تغطية واسعة للتطعيم وتوجيه وتدريب المعلمين وتوفير مواد النظافة والتعقيم؛ وكذلك التباعد الجسدي وتناوب الحضور”، وفقا للراعبي.

وقالت ممثلة يونسكو في الأردن، مين جيونغ كيم “تشير الدلائل الأولية الواردة في التقرير النصف سنوي للخطة الاستراتيجية للتعليم في الأردن إلى وقوع خسائر مُثيرة للقلق في نطاقي التعلم والمساواة نتيجًة للجائحة”.

وأضافت “يجب إعطاء المزيد من الأولوية لإعادة فتح المدارس والحفاظ على استمرارية ذلك، وتعميم مناهج التعليم العلاجي في المدارس الحكومية، خاصًة لأطفال الأسر ذات الدخل المنخفض والأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة والأطفال اللاجئين”.

الممثلة المقيمة للبنك الدولي في الأردن، هولي بينر، قالت: “يمكن أن يكون لانقطاع وقت التدريس في الفصل الدراسي تأثير شديد على قدرة الطفل المستقبلية على التعلم، وأن تتجاوز خسائر التعلم الوقت الفعلي لإغلاق المدارس بكثير”.

وأضافت: “تهدد الجائحة بالتراجع عن سنوات من التقدم المكتسب في قطاع التعليم في الأردن، وقد يؤدي المزيد من الإغلاقات إلى عكس التقدم المحرز في جهود الإصلاح وإلى خسائر تعلم إضافية”.

ستترتب تبعات كبيرة على الاستمرار في إغلاق المدارس، حيث إن الأطفال الذين تأخروا في تعليمهم سيكونون أكثر عرضًة للتسرب من المدرسة؛ مما يؤثر على نتائج رأس المال البشري في الأردن، وقدرة الشباب على الوصول إلى الوظائف والفرص الاقتصادية على المدى الطويل.

وتشير عمليات المحاكاة إلى أن الطلاب قد فقدوا ما يصل إلى 0.9 سنة من الدراسة في الأردن، بعد تعديل الجودة وتشير التقديرات إلى أن العائد على الاستثمار من التعليم  للطلبة في الأردن قد تنخفض بنسبة تصل إلى 8%.

المنظمات، قالت إن إغلاق المدارس يؤثر بشكل غير متناسب على كل من الأطفال الأصغر سنًا والأطفال الذين يفتقدون لإمكانيات الوصول الرقمي والأطفال ذوي الإعاقة والفتيات واللاجئين والأطفال من الأسر الفقيرة. فلا تقتصر أهمية المدرسة للأطفال على نطاق التعلم فقط، فالمدرسة تساعد الأطفال على الاختلاط والتطور الاجتماعي، وقد تمثل المدرسة المكان الوحيد الذي يشعر فيه بعض الأطفال بالأمان.

وأشادت المنظمات كافة بالجهود التي بذلتها الحكومة الأردنية حتى الآن لإعطاء الأولوية لفتح المدارس، وبالاستثمارات الكبيرة في اتخاذ التدابير اللازمة لخلق بيئة آمنة للتعلم وضمان حصول الأطفال والمعلمين على المهارات والأدوات اللازمة من أجل اللحاق بالمسيرة التعليمية بشكل فعال.

وشددت المنظمات على دعمها المستمر لوزارة التربية والتعليم من أجل عودة جميع الأطفال إلى التعلم في الفصل الدراسي الثاني في أقرب وقت ممكن.

– فقر تعليمي عالمي –

وقررت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان يوم 24 كانون الثاني/ يناير يوما دوليا للتعليم، احتفاءً بالدور الذي يضطلع به التعليم في تحقيق السلام والتنمية، وبدون ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع، لن تنجح البلدان في تحقيق المساواة بين الجنسين وكسر دائرة الفقر التي من شأنها تخلّف ملايين الأطفال والشباب والكبار عن الركْب.

وأقر المجتمع الدولي — عند تبنيه خطة التنمية المستدامة لعام 2030 في أيلول/ سبتمبر 2015 — بأن التعليم ضروري لنجاح جميع أهداف الخطة السبعة عشر. ويهدف الهدف الرابع، على وجه الخصوص، إلى “ضمان توفير تعليم جيد وشامل وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع” بحلول عام 2030.

وبدون إتاحة فرص تعليمية شاملة ومتساوية في التعليم الجيد للجميع، ستتعثر البلدان في سعيها نحو تحقيق المساواة بين الجنسين والخروج من دائرة الفقر التي تؤثر سلبا في معايش ملايين الأطفال والشباب والبالغين.

ووفق تقرير جديد صدر عن البنك الدولي ويونسكو ويونيسف، فإن الجيل الحالي من الطلاب مهدد الآن بخسارة 17 تريليون دولار في إيرادات أفراده مدى حياتهم، أو نحو 14% من إجمالي الناتج المحلي للعالم، حسب القيمة الحالية للدولار، وذلك نتيجة لإغلاقات المدارس الناشئة عن جائحة كورونا.

ويُظهر تقرير “حالة أزمة التعليم العالمية: مسار نحو التعافي” أن نسبة الأطفال الذين يعيشون في فقر تعليمي في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل، وكانت تبلغ 53% قبل الجائحة — قد تصل إلى 70% بسبب إغلاق المدارس لفترات طويلة وعدم فاعلية التعلّم عن بُعد في ضمان الاستمرار الكامل للتعليم إثناء إغلاق المدارس.

المملكة

مقالات ذات صلة