مهندس لكل 50 مواطنٍ في الأردن

تخرجت نور من الجامعة عام 2019 بتخصص هندسة العمارة لتبدأ رحلة البحث عن العمل، في قطاع يشهد إشباعاً وفائضاً في عدد خريجيه، وجدت نور فرصة تدريب غير مدفوعة الأجر في مكتب هندسة بمدينة عمان، استمرت فترة تدريب نور لمدة 4 شهور، حصلت خلالها على مكافأتين رمزيتين بلغت كل واحدة منها 25 ديناراً فقط.

وبعد انتهاء فترة التدريب عرض صاحب المكتب فرصة عمل على نور بأجر بلغ 200 دينار فقط، وهو أمر مخالف لقوانين نقابة المهندسيين، فحسب أحكام المادة (6/و) من قانون النقابة والمادة (3/ب) من النظام الداخلي، فإن الحد الأدنى من الأجور يبلغ 400 دينارا أردنيا لثماني ساعات عمل لحديثي التخرج.

وينص عقد نور على منحها راتباً قدره 430 دينار إذ أنها تجاوزت سنة واحدة خبرة ،وهو ما ينص عليه قانون النقابة في حال تجاوز المهندس أكثر من سنة في عدد سنوات التخرج، لكن يبلغ أجر نور الحقيقي 200 دينارا، بحيث يودع صاحب المكتب 430 ديناراً في حساب نور ملتزماً بقانون النقابة، لتعيد نور 230 ديناراً عند استلامها أجرها.

إضافة لذلك ورغم عمل نور لمدة عامين في المكتب إلا أن صاحب العمل لم يشركها في الضمان الاجتماعي، ولا تلتزم نور بتسديد اشتراكها السنوي في النقابة، وتقول نور في هذا الصدد “النقابة قربت تفلس فما في داعي انه اشترك فيها”.

تبحث الآن عن فرصة عمل أخرى في أي مجال بعيداً عن الهندسة بحسب نور أنه “قطاع ميت” وعن سبب قبولها العمل ب 200 دينار “شغلي جنب البيت بروح وباجي مشي ما بضطر أدفع مواصلات وعم اعتبر انها فترة مؤقتة لحد ما الأقي أي شغل تاني”.

أما دعاء خريجة عام 2018 تخصص هندسة العمارة أيضاً، لم تجد سوى فرصة عمل واحدة لمدة ثلاث أشهر خلال 3 سنوات بعد تخرجها، تقول “إن المهندسيين دائماً ما يكونوا عرضة للاستغلال من قبل أصحاب العمل بسبب ندرة الفرص العمل وكثرة أعداد الخريجيين في كافة فروع التخصصات الهندسية”.

خلال الثلاث السنوات السابقة تدربت دعاء لما يقارب 9 أشهر بمقابل وصل إلى مئة دينار أردني شهرياً ،وعملت لمدة ثلاث أشهر لدى مكتب هندسي بأجر بلغ 200 دينارا أردني دون أن توقع أي عقود مع صاحب العمل، ودون تسجيلها لدى المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، “اشتغلت 3 أشهر وبعدها صاحب العمل حكالي ما بدنا تكملي معنا وهو عمل هيك عشان ما يتلزم بعقد وبضل على هاي الحالة كل 3 أشهر يجيب مهندس جديد ب 200 دينار”.

تعمل دعاء في هذه الفترة بتدريس طلبة “الأي جي” وتبحث عن فرصة عمل في أي مجال “بدور على أي شغل كول سنتر أو مس بمدرسة”.

نائب نقيب المهندسيين فوزي مسعد يؤكد أن النقابة تقوم بكل ما في وسعها لمنع استغلال المهندسيين من قبل اًصحاب العمل، إذ تجبر النقابة أصحاب العمل على دفع أجور المستشارين عن طريق النقابة، إضافة لدفع أجور المهندسيين لدى البنوك لضمان دفع أجر المهندس كاملاً وحسب سلم الأجر المعتمد لدى النقابة، مضيفا إن النقابة تدعو جميع المهندسيين إلى الإنتساب للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، لضمان حق المهندس” إن النقابة تتعامل مع جميع الشكاوى التي ترد لها دون استثناء”.

ويدعو مسعد المهندسيين إلى رفض العمل دون ضمانات ودون الحد الأدنى للأجور، لكنه يعزو انتشار هذه الظاهرة إلى ارتفاع نسب البطالة بين المهندسيين لنسب مرتفعة مما يجبر نسبة كبيرة من المهندسيين إلى قبول العمل دون الحد من الأدنى من الحماية ولكسب الخبرة في بعض الأحيان.

وحول مسألة تدني جودة الطلبة الخريجيين يشير “زمان كان سمعة المهندس الأردني تعطيه أولوية عن كل الجنسيات، اليوم بطل المهندس الأردني مطلوب زي زمان”، مؤكدا على أهمية محاولة المهندس الإبتكار وتنمية قدراته لا الإعتماد فقط على شهادة الجامعة.

ويرى مسعد أن أغلب التخصصات الهندسية وفروعها أصبحت مشبعة، وسوق العمل لا يستوعب كل تلك الأعداد من الخريجين، داعيا الطلبة للتوجه للتخصصات الحديثة والنوعية والتي سيكون لها المستقبل مثل هندسة الطاقة والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني.

وتعد نسبة المهندسيين في الأردن ضمن الأعلى عالمياً مقارنة بعدد السكان حيث بلغت النسبة (مهندس لكل 50 مواطناً) بحسب النشرة الارشادية العاشرة الصادرة عن نقابة المهندسيين الأردنيين عام 2020 والمتعلقة بالتخصصات الهندسية وحاجة سوق العمل لكل منها.

ووفقاً لآخر الأرقام الصادرة عن النقابة، يقدر عدد المنتسبين للنقابة 171 ألف مهندساً ومهندسة، فيما بلغ عدد الطلبة على مقاعد الدراسة نحو 37 ألف طالباً وطالبة في الجامعات الأردنية، و5 آلاف طالب وطالبة دارسيين في الخارج.

ووفقاً للنشرة الارشادية، فقد بلغ مجموع المهندسين المسجلين في النقابة والتابعين لشعبة الهندسة المدنية وتخصصاتها الفرعية 51348 مهندساً ومهندسة، فيما يبلغ عدد الطلبة على مقاعد الدراسة 9493 مهندساً ومهندسة، بحالة “مشبع” شملت كافة تخصصات الهندسة المدينة.

فيما بلغ عدد المهندسيين المسجلين في النقابة والتابعين لشعبة الهندسة المعمارية 15399 مهندساً ومهندسة، و4039 مهندساً ومهندسة على مقاعد الدراسة، وبحالة “مشبع” لكافة تخصصات الهندسة المعمارية.

وأظهرت تقارير النشرة الارشادية أيضا، إشباعا في كافة تخصصات الهندسة المكانيكية وتخصصاتها الفرعية، إذ بلغ عدد المسجلين في النقابة والتابعين للشع 34099 منهدساً ومهندسة و 10359 على مقاعد الدراسة.

وفيما يتعلق بتخصص الهندسة الكهربائية والتخصصات الفرعية التابعة، أظهرت النشرة اشباعا في كافة التخصصات التابعة للهندسة الكهربائية، حيث بلغ عدد المهندسيين المسجلين في النقابة للتخصص 59984 مهندساً ومهندسة، و11185 مهندساُ ومهندسة على مقاعد الدراسة.

وبلغ مجموع المهندسيين المسجلين في النقابة والتابعين لشعبة هندسة المناجم والتعدين والهندسة الجيولوجية والبترول، 1727 مهندساً ومهندسة، و98 مهندساً ومهندسة على مقاعد الدراسة، وبتصنيف “مشبع” لكافة التخصصات الفرعية التابعة للتخصص الرئيس، مع الإشارة لتوصيت النشرة بعدم دراسة تخصصات هندسة المناجم والتعدين للإناث نظراً لطبية مجالات العمل التابعة لها.

أما تخصص الهندسة الكيميائية وفروعه، فقد بلغ مجموع المهندسيين المسجلين في النقابة 8650 مهندساُ ومهندسة، و1965 مهندساً ومهندسة على مقاعد الدراسة، وصنفت كافة التخصصات التابعة للهندسة الكيميائية بالمشبعة.

مقالات ذات صلة