سينما الحي” .. أفلام تُطلّ على عمّان!

حرير :

الشاشة هي أحد جدران بناية، والقاعة سطح بناية مجاورة، أما الموقع فهو في “جبل اللويبدة” بالعاصمة الأردنية عمّان، حيث انتظمت العروض السينمائية في الهواء الطلق، ضمن الفعاليات الاستباقية لمهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان، وقبل حفل إطلاقه الرسمي بأيام، تحت عنوان “سينما الحيّ”.

كانت الأجواء غريبةً ومختلفةً من حيث الطقوس المحيطة بالعروض خاصةً، بالإضافة إلى العروض نفسها، فقد أحدثت الأصوات فارقاً في الحيّز الجغرافي ذاك، في حين امتزجتْ الأفلام بتكويناتها المتعددة

مع المناظر الطبيعية الليلية لعمّان، مشكِّلةً صورةً بصريةً مغايرةً لجمهورٍ آثر خوض التجربة الفريدة هذه، رغم البرد، ورغم قاعة العرض المُفترضة، أي سطح البناية حيث خزانات المياه، والمواسير التي اختفت مع ظُلمةٍ شديدةً سادت في المكان لأغراض العرض، وهو ما ينطبق على غيرها من مكوّنات سطح أي بناية، شكلت جزءاً من تركيبة “سينما الحي”.

سينما الحي”، فكرةٌ انطلقت من قبل “معمل 612 للأفكار” ومهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان، ثم تجسّدت على أرض الواقع، حسب ما أشار إيهاب الخطيب، المدير الفني للمهرجان، وهي فكرة مرتبطة بالأساس بالطبيعة الجبلية لمدينة عمّان، بحيث يتم عرض أفلام على جدرانٍ في مواقع جبلية عدّة، وهذه السنة كانت في “جبل اللويبدة” حيث أمكن للكثيرين مشاهدتها أو سماع الأصوات القادمة من المكان مصادفةً إذا ما مرّوا من هناك، بينما بإمكان أهل الحي متابعة الأفلام من نوافذ منازلهم أو أسطح بناياتهم.

ولفت الخطيب إلى أن هذه العروض عادةً ما تكون استباقيةً، في حين تم اختيار التوقيت والأيام تبعاً لحالة الطقس، وهي جزءٌ من الدورة الثانية عشرة لمهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان، والذي ينتظم تحت شعار “حقوق الإنسان في عالم افتراضي”، بمشاركة قرابة خمسةٍ وثلاثين ضيفاً من خارج الأردن، وأكثر من خمسين فيلماً تُعرض في المركز الثقافي الملكي بعمّان وفي عددٍ من الجامعات والمدارس الأردنية، وتبعاً للحالة الوبائية في المملكة، والتي تطلَّبَتْ عرض الفيلم ذاته في أكثر من قاعة في الوقت نفسه، مراعاةً لشروط السلامة وتعليمات الجهات ذات الاختصاص في هذا الجانب.

واشتمل برنامج “سينما الحي” على مجموعة من الأفلام القصيرة تنوّعت ما بين روائية ووثائقية وتحريكية (أنيميشن)، وبعضها سيُعاد عرضه ضمن فعاليات المهرجان، وهي أفلام عربية وعالمية من جنسيات مختلفة، ومن بينها فلسطين.

ومن الأفلام الفلسطينية التي عُرِضَتْ في “سينما الحي”، فيلم “مريم” للمخرجة دانا الدر، وفكرتُهُ تتمحور حول التسلُّح بالثقافة والتراث في مواجهة أي خطرٍ مهما كان، بهدف تعزيز القوة الداخلية التي تتطلّبها هكذا مواجهة، بحيث نجحت في تكثيف فكرتها هذه خلال خمس دقائق هي مدة الفيلم، عبر حكاية “مريم” التي تفقد ما يمكن وصفه بـ”جنّتها الداخلية”.

والمخرجة دانا الدر (26 عاماً)، من مواليد مدينة الناصرة المحتلة في العام 1948، ولها عدّة أفلام منها عدد من أفلام الرسوم المتحركة إضافةً إلى أعمال موسيقية، إلا أن مشروعها يقوم على دراسة وتنفيذ أفلام الرسوم المتحركة الساعية إلى توثيق ونقل “لحظات من الجمال والحضور والحياة”، متكئةً بذلك على التراث الفلسطيني، بحيث تنتصر للجمال والحياة عبر سرد القصص المرئية الشعرية المستلهمة من هذا التراث.

وعُرِضَ أيضاً فيلم “ليل” للفلسطيني أحمد صالح، وسبق أن حاز على العديد من الجوائز، وهو فيلم رسوم متحركة أيضاً عن الحروب وانعاكاساتها على ضحاياها ممن هم على قيد الحياة، عبر حكاية أمٍّ يشكّل الليل شبحاً يطاردها، بحيث يستعصي عليها النوم بينما تحوم حولها عينا طفلها المفقود، وهي فكرة تحاكي معاناة أمهات الشهداء والأسرى في فلسطين، وأمهات ضحايا الحروب في العالم كله، في جدلية عميقة على المستويين الفكري والبصري وما احتوياه من مضامين، في ست عشرة دقيقة، خلق عبرَها حوارية ما بين الليل ومحاولاته المستميتة مع أم الطفل المفقود، لعله ينجح في إخضاعها لسطوة النوم، ولو بعد حين.

وبالإضافة إلى الفيلمين الفلسطينيين، عُرِضَ في إطار “سينما الحي”، أفلام: “حكاية دالانغ” (ماليزيا)، و”كوكو” (هولندا)، و”يوم عمل” (ميانمار)، و”بلا اسم” (إيطاليا)، و”أنا صغير” (فرنسا/ كندا)، و”أسطورة بسالتري” (بيلاروسيا)، والفيلم الأردني “أزرار”.

– متصة الإستقلال الثقافية – بديعه زيدان

مقالات ذات صلة