
بعيون “الغد”.. جناح الأردن في إكسبو 2020 دون الطموح
محمد الكيالي
كانت فرصة ذهبية سنحت للأردنيين، أن يتباهوا بين الشعوب وأن يفخروا بما أنجزته العقول والكفاءات الوطنية على مدار قرن من الزمان من عمر وطنهم، في فعاليات “إكسبو 2020” التي تستضيفها إمارة دبي حاليا، إلا ان وقع الصدمة كان أكبر من الأمنيات.
فبعد مشاركة سابقة في “إكسبو 2015” الذي أقيم في مدينة ميلانو الإيطالية، كانت الحاجة بعدها إلى ضرورة تعزيز المشاركة الأردنية الفاعلة في الحدث الضخم الذي تستضيفه الإمارات، وأن يكون شعار الجناح الأردني “عتبات المستقبل” على قدر المعنى.
ومؤخرا، شاركتُ ضمن وفد إعلامي عربي بزيارة إلى إمارة دبي من خلال دعوة من دائرة السياحة والتسويق التجاري التابعة لحكومة دبي، للاطلاع على الحدث الضخم المتمثل بالإكسبو، الذي، كان، فعلا، إنجازا للإمارات العربية المتحدة التي جمعت دول العالم بتاريخها وحاضرها ومستقبلها، في بقعة صغيرة من أرضها.
الانبهار كان السمة الغالبة عليّ في زيارتي لإكسبو، إلا أن الصدمة والحزن كان لهما مكانا في نفسي، عندما رأيت جناح بلدي الأردن فارغا إلا من بعض قليل من الزوار، في حين تجد أجنحة أخرى لدول تكاد تسمع بها أو تراها على الخريطة، تكتظ بالمقبلين عليها لاكتشافها والتجول داخلها.
سمعتُ كثيرا من أصدقاء لي قبل سفري إلى دبي، أن الجناح الأردني جاء بسيطا جدا، لكنني لم أكن أتخيل أن أجد جناحا يخلو من الروح، لا تصميم خارجيا مفهوم، ولا ديكورات داخلية جاذبة، في ما عدا تصميم “السيق” وهو الممر الصخري الذي تتميز به مدينة البتراء الوردية، الذي تم بناؤه في الجناح عبر ألواح خشبية مرصوفة بشكل طولي ولمسافة بضعة أمتار.
لن أقارن جناح الأردن بأجنحة دول أخرى على غرار الولايات المتحدة أو ألمانيا أو أستراليا أو حتى الإمارات والمملكة العربية السعودية، إلا أنني سأتحدث وبشكل سريع عن معارض دول صغيرة مثل البحرين أو فلسطين أو إستونيا، من بين نحو 12 جناحا تمكنت من زيارتها على مدار يومين اثنين.
فجميع هذه الدول الثلاث، أبدعت في تصاميمها الخارجية والداخلية، بدءا من جناح البحرين، صغرى الدول العربية مساحة، التي اتخذت من شعار “الكثافة تنسج الفرص”، وعلى مساحة تقارب 2000 متر مربع، ارتكز على 126 عموداً فولاذيا بارتفاع 24 متراً، وخلق تجربة تنقل الزوار نحو مفهوم الكثافة التي تعيشها البحرين، في حين تتألف واجهته الخارجية من الألومنيوم الذي يمثل أحد أكبر صادرات المملكة.
جناح فلسطين الشقيقة، كان مميزا هو الآخر، وعلى محدودية القدرات التي تتمتع بها، إلا أن التصميم الخارجي للجناح ظهر بشكل جاذب للزائر وفي مكان استراتيجي، وتم بناؤه من حجارة مدينة القدس.
أن تقوم بشحن حجارة القدس إلى دبي للمساهمة في بناء هذا الجناح، هو عمل ينم على اهتمام كبير من قبل الفلسطينيين، خاصة وأنهم أرادوا للزوار أن يشعروا بأنهم في فلسطين وبين أزقة مدينتها المقدسة وفي شوارعها.
وإلى إستونيا، والذي لا يعرف أين تقع هذه الدولة، فهي إحدى أصغر دول منطقة البلطيق ويبلغ عدد سكانها أكثر من مليون نسمة بقليل.
جناح هذه الدولة ملفت بلونه الأزرق وهو اللون الشعبي في البلاد، ولدى وصول الزائر إلى داخله، يصطدم بمجموعة كبيرة من أدوات التكنولوجيا التي طوعتها الحكومة هناك لتجعل من الدولة مرقمنة ومؤتمتة بالكامل.
ويقدم الجناح الإستوني مجموعة من التقنيات الذكية على غرار “الروبوت النادل” الذي سيحل مكان المقاهي والمطاعم عبر أنظمة الذكاء الاصطناعي، وغيرها من التقنيات التي تتمتع بها البلاد الخاصة بالصحة والبنية التحتية والنقل والتعليم.
وفي خضم ذهولي بما أنجزته دول كثيرة في المعرض العالمي الذي يستضيفه الشرق الأوسط لأول مرة، وبين إحساسي بالمرارة والخيبة من الجناح الأردني، استوقفني أحد الإعلاميين من مصر وسألني عن السبب الرئيس في كون جناح الأردن في مستوى مخيب للآمال.
كنت أتمنى لو لم يتم توجيه هذا السؤال لي، بل للقائمين على الجناح، وخاصة إلى هيئة الاستثمار ومن ثم للحكومة.
وأنا شخصيا، أسأل عن الأسباب التي جعلت الأردنيين يزورون أجنحة العديد من دول العالم ولا يزورون جناح بلدهم.
كان الأجدى بالجهات المعنية بإنجاح المشاركة الأردنية في إكسبو دبي 2020، أن تولي اهتماما أكبر وأكبر فيما يخص معروضات الجناح، لا أن تبقيه بلا مضمون مفهوم أو واضح، حتى إن الزائر يدخل ثم يخرج من دون معرفة الرسالة التي يريد القائمون على الجناح إيصالها.
بعد فشل المشاركة الأردنية في إكسبو ميلانو العام 2015، وضعف المشاركة في إكسبو دبي 2020، من الضرورة بمكان إعادة النظر بالقائمين على هذه المشاركات، والعمل على عصف ذهني عميق قبل أي مشاركة للخروج بصورة مشرفة لاسم الأردن.
فبعد 6 سنوات على إطلاق شعار “جناح الفلافل والشاورما”، خرجت علينا فضيحة “رام الله” و”الحرب العربية الكبرى”، مؤخرا، وندعو الله أن لا يبتلينا بمصيبة أخرى في إكسبو أوساكا 2025.