تحرك أردني لوقف إطلاق النار بجنوب سورية

 مع تصاعد وتيرة الغارات الدموية على محافظة درعا، وحصدها أرواح 22 مدنياً على الأقل، أمس، في حصيلة هي الأكثر دموية منذ بدء القوات الحكومية السورية هجومها ضد الفصائل المعارضة في هذه المنطقة الجنوبية في 19 من الشهر الحالي، أكد رئيس مجموعة الأمم المتحدة للعمل الإنساني في سورية، يان ايغلاند، ارتفاع أعداد النازحين في الجنوب الى نحو 50 ألفا منهم يتوجه غالبيتهم إلى القرى الحدودية مع الأردن.

يأتي ذلك فيما ينشغل الأردن حاليا في البحث مع مفوضية اللاجئين عن حلول إنسانية لهذه الأزمة، من خلال بناء مخيمات للنازحين في الداخل السوري، وفق وزير الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة جمانة غنيمات.

وأضافت غنيمات، أن الموقف الأردني لم يتغير بخصوص هذه الأزمة وأنه لا دخول للنازحين حماية للحدود.

وفيما يؤكد رئيس الهيئة السورية العليا للمفاوضات، نصر الحريري، في تصريحات صحفية أمس، تواصل الهيئة مع الأردن الذي يسعى إلى اجتماع ثلاثي قريباً مع روسيا والولايات المتحدة لوقف إطلاق النار، أكدت وكالة “سبوتنك” الروسية أنه سيعقد الأربعاء المقبل، فيما لم تؤكد غنيمات موعدا لهذا الاجتماع.

وتعول الفصائل على ما ستسفر عنه الجهود الأميركية والأردنية مع موسكو لإنهاء الأزمة في الجنوب، خاصة وأن روسيا أعلنت أول من أمس عن التزامها باتفاق خفض التصعيد، خلافا لما كانت أوردته أنباء غير مؤكدة نقلا عن قاعدة حميميم العسكرية الروسية بإلغاء الاتفاق.

وبحسب المنسق العسكري في الجبهة الجنوبية أبو توفيق الديري، فإن “الفصائل تنتظر المفاوضات الأميركية الروسية التي يجريها مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي جون بولتون، خاصة وأن الأميركيين والأردن ملتزمون بوقف إطلاق النار في الجنوب، فيما تراجع الروس عما أعلنته قناة حميميم من إلغائهم الاتفاق”.

وتوقع الديري أن تسفر زيارة بولتون المهمة عن اتفاق على خريطة طريق للحل السوري وخروج إيران من سورية، أو المواجهة الشاملة وبالتالي تطوير الحرب واندفاع فصائل الجنوب خارج خط وقف النار المتفق عليه.

بيد أن بولتون، في ختام زيارته لموسكو، لم يتطرق لموضوع أزمة الجنوب السوري خلال ذكره بمؤتمر صحفي، أول من أمس، المواضيع التي قد تكون على طاولة قمة الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب.

وقال بولتون إن الرئيسين سيبحثان ما وصفه بـ”التدخل الروسي” في الانتخابات الرئاسية الأميركية ومسألة عودة روسيا إلى مجموعة السبع الكبار، ومعاهدة الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى والرقابة على التسلح، بالإضافة الى بعض القضايا الأخرى التي تخص العلاقات الروسية-الأميركية.

وطلبت دول غربية عدة، على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، أول من أمس، من روسيا وقف الهجوم.

وقال مساعد سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، جوناثان كوهين “إن العمليات العسكرية الأحادية لنظام الأسد وروسيا في جنوب غرب سورية تشكل انتهاكاً لوقف إطلاق النار”، الذي دعمه الرئيسان الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين.

ودعا السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة، فرنسوا دولاتر “كل طرف بدءاً بروسيا الى الالتزام بالتعهدات التي قطعت لكي يتوقف هذا الهجوم بدون تأخير”.

وحذرت سفيرة بريطانيا وكذلك سفيرا هولندا والسويد من تكرار ما حصل في حلب (شمال) والغوطة الشرقية، قرب دمشق؛ أي قصفا دمويا كثيفا ثم استعادة السيطرة على مناطق مع احتمال التوصل الى اتفاقات إجلاء مع فصائل المعارضة.

وفيما كشف مصدر عسكري في الجيش الحر عن امتلاك كتيبة بالجيش الحر صواريخ دفاع جوي تمكنت من إعطاب طائرتين مقاتلتين مؤخرا كانتا تقصفان شرق درعا، و أكد أن الجيش الحر يتكتم على نوعية هذه الصواريخ وفعاليتها، مشيرا الى أنه يمنع تصويرها إطلاقها.

وأعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أمس، حصيلة الطائرات والمروحيات التي سحبها جيش بلاده من الأراضي، مشيرا خلال لقائه مع دفعة عسكرية جديدة، في “الكرملين” -بحسب وكالة “سبوتنيك” الروسية- إلى أنه “خلال الأيام القليلة الماضية، تم سحب 13 طائرة و14 مروحية و1140 شخصا”.

وكان سلاح الجو الروسي بدأ بتوجيه ضربات جوية في الأراضي السورية، بتاريخ 30 أيلول (سبتمبر) 2015، وذلك بعدما طلب رئيس النظام السوري بشار الأسد دعماً من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

الى ذلك، أفادت غرفة “العمليات المركزية في الجنوب”، بأنها استخدمت سلاحا جديدا في المعارك ضد “نظام الأسد”، فيما بدأت عملية استعادة بلدة “ناحتة” من يد النظام بدرعا.

وقالت الغرفة، في تسجيل فيديو على قناتها “إنها تخوض اشتباكات عنيفة على أطراف بلدة ناحتة؛ تمهيداً لإعادة السيطرة عليها بعد تراجع قواتها إلى خطوط الدفاع الخلفية كنوع من التكتيك العسكري”.

وأضافت: “إنها استخدمت صواريخ “أرض-أرض” شديدة الانفجار من طراز “عمر” في قصف تجمعات “ميليشيا الأسد” وإيران في حي سجنة؛ حيث تم تحقيق إصابة مباشرة وضرب دفاعات العدو وتكبيدهم خسائر في الأرواح والعتاد”.

وأشارت الغرفة إلى أن “ميليشيات الأسد والحرس الثوري الإيراني تحاول التقدم على محور قاعدة الدفاع الجوي غرب درعا كمحاولة يائسة لقطع الطريق الحربي وتم التصدي لهذه الحملة بعد تكبيد الميليشيات خسائر فادحة بالأرواح والعتاد”.

وأكدت “العمليات المركزية” أنه “خلال العمليات الأخيرة قُتل وجُرح ما يزيد على 76 من فوات الأسد وميليشيات إيران”، مشددةً على ثباتها على الجبهات كافة حتى تحقيق النصر ودحر كل الميليشيات العابرة للحدود.

وبدأت قوات النظام عملياتها العسكرية انطلاقاً من ريف درعا الشرقي؛ حيث حققت تقدماً ميدانياً مكنها من فصل مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في الريف الشرقي الى جزأين، قبل أن توسّع نطاق عملياتها لتشمل مدينة درعا وريفها الغربي.

وانضمت الطائرات الحربية الروسية يوم السبت إلى العملية العسكرية.

وتمكنت قوات النظام منذ بدء هجومها من السيطرة على عدد من القرى والبلدات.

كما تخوض اشتباكات مستمرة قرب قاعدة عسكرية في جنوب غرب مدينة درعا، من شأن السيطرة عليها أن تمكنها من فصل مناطق سيطرة الفصائل في ريف درعا الغربي عن تلك الموجودة في ريفها الشرقي.
وعادة ما تتبع قوات النظام استراتيجية عزل مناطق سيطرة الفصائل المعارضة عن بعضها بعضا في مسعى لإضعافها وتشتيت جهودها قبل السيطرة على مناطقها.
وتعد محافظات الجنوب إحدى مناطق خفض التصعيد الأربع في سورية. وقد أُعلن فيها وقف لإطلاق النار برعاية أميركية أردنية في تموز(يوليو) الماضي.
ويعيش نحو 750 ألف شخص، وفق الأمم المتحدة، في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة التي تشمل سبعين في المائة من محافظتي درعا والقنيطرة. – (وكالات)

مقالات ذات صلة