حتى لا يعود العنف لمدارسنا!!

امان السائح

لماذا عادوا محملين بوابل من العنف والاحتقان !! لماذا فقد معظمهم الاساس الاجتماعي والاخلاقي والسلوكي !!

لماذا غابت البراءة والطفولة في سلوكهم وادائهم ! لماذا يعود التنمر والعنف ؟؟

لماذا عادوا محملين بحالة من الكبت والضغط النفسي وكأنهم خرجوا من سجون تعج بالقهر والرعب ، واحتضنتهم ساحات المدارس ليكونوا ، خلف كل التوقعات ، وفوق كل التصورات ، وأكبر بعضهم من حجم التصديق ، ليعودوا الى حرم مدارسهم فاقدين للعديد من مفاهيم الحب والسلوك ، والاهم الانضباط !!

لا اتحدث عن حادثة ما او  سلوك جديد او لا سمح الله ضحية عنف جديد ، لكن اتحدث عن حالات فردية تحيط بكل بيت اردني ، وتمس  معظم ابنائنا ، ويتنبه لها القاصي والداني حتى لا نسمع لا سمح الله  عن حوادث اعتداء او ايذاء ، في غياب رقابة منزلية ومدرسية ومجتمعية !!

حالة من التوتر والتنمر وعدم الانضباط تسود ساحات المدارس بحسب شهود عيان ، ومدارس مختلفة ، وحالات فردية ترد الى  منازلنا ، ولا استثناء لبعض الاساتذة والمعلمات أيضا ، الذين عادوا بضغط نفسي واصبح الطالب أمامهم حالة ، وليس ابنا أو اخا صغيرًا ، فردود الفعل غير منطقية والعصبية سيدة الموقف ، فلا احتواء ولا مظلة حب تحتويهم ، ولا موجّه حقيقيا لانفعالاتهم.

طلبة المدارس مسؤوليتنا جميعا ، فلا مبرر لمدرّس أو اداري أو مرشد لاستثمار ضغطه ليضعه أمام الطالب ، ولا سماح لأي منهم بتجاوز انضباطه أمام الطالب ، فالحلقة متكاملة وشمولية ، وطلبة المدارس يقرأون ردود الفعل ويتجاوزون الحدث ويعبرون عن غضبهم بتمرد ، واحتقانهم بعنف ، واشتياقهم لحرم مدارس واصدقائهم بحالة من النمردة ورفض الاوامر ..أ

مام ادارات المدارس مسؤولية ودروس عليها أن تنتهجها قبل فوات الأوان ، احتواء الطالب ، احتضان ردود فعله ، توجيهه نحو الفعل وضبط ردة الفعل ، فالعنف وصل الى بيوتنا ، ويعود الطالب محملا بقصص الضرب والاعتداء  والتنمر والتحويل لمدير المدرسة ، بدلا من قصص الدراسة والعلامات والمادة الاكاديمية .

امام ادارة المدرسة تحدي اعادة الطالب لحقيقته وشخصيته وحضوره الهادئ المتزن ، عليها ضبط مدرسّيها ومتابعة سلوكهم ، عليها توجيه اعضاء الهيئة التدريسية ، بعدم الخروج عن النص السلوكي ، عدم الانصياع لرغباتهم بالعنف ، وعدم الصراخ غير المبرر فطلبتنا يعيشون حالة الخروج  من أزمة الكورونا لا تشبه اي شيء بالحياة ، هم ضحايا وباء عالمي ، ونحن اليد  الواجب اقتلاعهم منها بتأن ، وحكمة وضبط النفس.

أمام الاهالي المسؤولية الأهم أيضا ، متابعة وقراءة لشخصيات الطلبة، الاستماع لهم ، اللعب معهم ، التروي بمعالجة مشاكلهم وشغبهم المدرسي والبيتي ، فالأجواء حولهم تعج بالاحداث ولا بد من حضن دافئ يعيدهم الى المربع الأول سلوكيا ، واخلاقيا ، ودينيا ..

عنف يطال مدارسنا ، وضرب وعصبية تجتاح بعض أساتذتنا تجاه الطلبة ، حالة غير مقبولة وعلينا قراءة تفاصيلها بدقة ودراسة ، لدرء مخاطر جيل قادم سيكون حاملا للواء التغيير بالوطن ، وسيخرج منه بعد سنوات قادة ومسؤولون  ، ومربو أجيال ، علينا الامساك بأطراف المشكلة قبل فوات الأوان ، قبل التركيز فقط على الحالة الصحية والمطاعيم ، فتلك التفاصيل هامة ، لكن العقل والقلب والصحة النفسية هي الأهم وهي التي تصنع الفرق في حياة جيلنا وأبنائنا ..

قضية تطفو على السطح بشكل ملموس ، يقرأ ملامحها الجميع ، وعلينا الاعتراف بها ، للبدء الفعلي بحلها ، فما يحصل غير مسموح ، وغير مقبول ، وسيحول حياة الجيل الى كارثة ، والى حالة من عدم التوازن والاستقرار ليس بالأسر فقط بل بالمجتمع برمته .

العنف يولد عنفا ، والقهر يولّد قهرا  مدارسنا بحاجة الى كل المتابعة بدقة وتفصيل وعدم السكوت عن الخطأ ، فتعاظم الخطر أسوأ من الخطر بذاته ..

المجتمع مهدد بحالة من العشوائية والعنف والتنمر الذي سيتفاقم ان سكتنا ولم نوجههم نحو الاخلاق والدين والسلوك المنطقي .. علينا امساك العصا من المنتصف لنجعلهم يعيشون حياتهم ، ولا نكبت رغباتهم ، ونضبط كل سلوكياتهم ، فهم الطفل والولد والشاب وكل له طريقته ، وكل له شخصيته ، واهتماماته ، فالعين يجب ان لا تغيب سواء من الأهل او المدرسة او المجتمع ، وألانشطة ، وكل وسائل العنف والتنمر علينا أن نوقفها بكل ما اوتينا من علم ومتابعة وحكمة ..

فالجيل القادم ، هم ليسوا حكايتنا فقط ، بل هم أصل كل الماضي والحاضر ، والمستقبل ..

مقالات ذات صلة