“الجحيم على الأرض”: لبنان بلد غير قابل للعيش مع تفاقم الأزمة الاقتصادية

حرير _معظم إشارات المرور أطفأت أنوارها قبل أشهر، ولحقت بها مصابيح الإنارة بعد وقت قصير، وكذلك لافتات المحال ما تسبب بشعور بالمرارة لدى سكان المدينة.

لكن في الصباح عندما يعود مالكو السيارات لمتابعة جولة الانتظار أمام محطات الوقود، فإن الشعور العام يتحول إلى مزيج من الغضب المتفجر واليأس الصامت.

أبو كريم سائق تكسي قال لفرانس برس “سيارتي متوقفة في طابور أمام المحطة منذ يومين، لكني لم أتمكن من الحصول على الوقود”.

وسأل “هل هناك شيء مذل ومهين أكثر من هذا؟”، فيما طابور السيارات يمتد لكيلومترات خلفه.

ووصف أبو كريم زعماء البلد المتهمين بالفساد والإهمال بأنهم يعيشون في فقاعة مختلفة، قائلا “لا ينقصهم شيء، لا كهرباء ولا وقود ويعيشون منفصلين تماما عن الواقع”.

“جوع”

في الأسابيع الأخيرة، اضطر الموظفون إلى ملازمة منازلهم أو النوم في أماكن العمل بسبب صعوبة التنقل وغياب أي خيارات أخرى في ظل الشح المستمر للوقود.

نقص الكهرباء والوقود أجبر أيضا الكثير من المقاهي والمطاعم على إغلاق أبوابها لتعذر الاستمرار في خدمة زبائنها.

أما تلك التي لا تزال مفتوحة فيتردد إليها غالبا أشخاص يريدون شحن هواتفهم والحصول على قسط من الراحة في أماكن تشغل مكيفات التبريد.

مخبز شهير له ثمانية فروع في جميع أنحاء لبنان اضطر إلى إغلاق ثلاثة منها وخفض ساعات العمل حتى يتمكن من البقاء.

وأدى لجوء أصحاب الأعمال إلى السوق السوداء للحصول على الوقود اللازم لإبقاء الثلاجات عاملة طوال الليل إلى رفع تكاليف التشغيل بشكل كبير.

وقال المسؤول في المخبز إيلي زوين لفرانس برس “اضطررنا لشراء صفيحة المازوت عشرين لترا من السوق السوداء بـ 500 ألف ليرة لبنانية (333 دولارا بالسعر الرسمي) لتشغيل المولد”.

وأشار إلى أن هذا يزيد خمسة أضعاف عما كان يدفعه الشهر الماضي.

وعلى بعد كيلومترات قليلة اضطر أحمد الملا الذي يدير حانة صغيرة إلى الاعتماد على جهاز “يو بي إس” وبطاريات لتشغيل آلة صنع القهوة وثلاجات صغيرة لتخزين زجاجات الكحول وأكياس الثلج.

لكن هذا الجهاز لا يسمح له بتشغيل الإنارة أو حتى الاستعانة بمروحة صغيرة في الحر الشديد.

وقال الملا لفرانس برس إن زبائنه يفضلون السهر وتناول الشراب في الظلام على أن يكونوا محتجزين في منازلهم بدون كهرباء أو تبريد.

وأضاف “لا خيار لدي، لا يمكنني إغلاق الحانة (…) إذا لم أعمل سأجوع”.

أ ف ب

مقالات ذات صلة