رحل الرجل الذي ظل يحارب بعقله وفكره

كتب نصوح المجالي

رحل عدنان ابو عوده عن دنيانا،ولم يفتر عقله حتى الايام الاخيرة عن العطاء، رحل الرجل الاستاذ المفكر الذي ظل يحارب بعقله وفكره واجتهاده طوال عمره كمن يحارب بسيفه،
لم تثلمه الدنيا ولم تدنس ثوبه وسمعته المناصب،ولم يتغير ولم يدخل قلبه الكبر او الغرور ،مذ عرفته في اواخر عام ١٩٦٨ ضابطاوزميلا في المخابرات ثم وزيرا وزميلا لفترة طويله في الاعلام ثم مستشارا وزميلا في الديوان الملكي،تغير كثيرون ولم يتغير عدنان،ولم يثنه ترك المناصب من ان يكرس عقله وجهده ليكتب كتابين من اهم المراجع السياسيه التي تؤرخ لمواقف الاردن والحسين من السبعينات وحتى وفاة الحسين طيب الله ثراه،واعجب ان كتابه الاخير المستدرك من مذكرات عدنان ابو عوده لم يلفت الباحثين وخاصة فيما يتعلق بجهود الحسين لخدمة القصية الفلسطينيه قبل ايام قليله انهيت قراءة الكتاب وتلفنت له قاءلا يا ابا السعيد لقد انصفت الاردن وانصفت الحسين في كتابك الاخير ،ولا يفوتني ان عدنان رحمه الله صاحب فكرة فك الارتباط وانه صاحب فكرةايجاد مسار اردني فلسطيني موحد للتفاوض سويا لاسترداد الضفةالغربيه في اطار علاقة كونفدراليه تضم ضفتي الاردن وعلى اساسها تم التفاوض مع ادارة ريقن منذ١٩٨٢ والتحرك على الساحة الدوليه، التحرك الذي لقي قبولا دوليا وختم باتفاق لندن ١٩٨٥ الذي قبله ثم تنكرله عرفات مفضلا فيما بعد سلطة مازالت تحت الاحتلال .

اقرأوا هذا الكتاب لتعرفوا كم كان الحسين عظيما مخلصا عروبيا في مواقفه وكم كان عدنان ابو عوده سياسيا وجنديا مخلصا للاردن ونظامه السياسي وقضية بلاده.
زرته قبل يوم من العاصفة الثلجيه الاخيره في نهاية كانون الاول في المستسفى التخصصي وتحدث ابو السعيدقرابة ثلث ساعه وحدثني ببعض اسرار الدوله انذاك .
كان حاضر الذهن كعادته رغم مالحق به من ارهاق بعد ثلاث اشهر من المعاناة في المستشفى،ومساء امس ليلة وفاته في السادسه مساء حدثته في الهاتف اسال عنه وكانت الكلمات تخرج من فمه بصعوبه. واليوم فجعت برحيل اخ وصديق ورفيق درب لم ارى منه الا الصدق والاخلاص بعيدا عن الغرض،اخرما قاله لي وهو على سرير المستشفى تعرف اخي ابو ذاكر نحن لم نكن رجال دولة فقط نحن
آمنا بالاردن وخدمنا الاردن والحسين كاصحاب رساله محورها الاردن ودوره في امته.
مثلك يا ابا السعيد من يقدح عقله ويستفز العقول ويحاور واثقا مما يعتقد و يهندس الافكار باستمرار ولا يعرف النفاق في الكلمه ولا التكسب في المنصب قطعا سيترك فراغا في ساحتنا وعند اصحاب الفكر والعقول والمحبين
ما اردت ان انعيك بكلام كما يتكرر في العزوات،وانااليوم اعزي نفسي واشارك اسرتك انجالك ومحبيك احر العزاء فقد فقد اهل الفكر رجلا مميزا لم تفترهمته ولا عقله حتى اللحظة الاخيرة،لقد خدمت ياعدنان الاردن فاجدت ووظفت فكرك لمليكك والاردن فاجتهدت
وابدعت.
اختلف معك وفيك كثيرون وحسدك الكثيرون،ولم تتاثر او تتغير، ولم تعرف الحقد
مثلك يابا السعيد سيبقى حاضرا في ذاكرة الوطن كرجل فكر وكصاحب راي واجتهاد وعقل نير خسره الاردن.
فالى جنان الخلد ايها الاخ والصديق
فرحاب الله اوسع من كل ضيق.
وداعا ابا السعيد وداعا ابا السعيد.

مقالات ذات صلة