لماذا .. ولماذا … حاتم الكسواني

 

تماما كما يزورك مندوب دائرة الإحصاءات العامة الأردنية طرقت باب بيتنا يوم أول أمس الخميس في مسكننا في بلدية أم البساتين بلواء ناعور مندوبة الوكالة الأمريكية للتنمية ( u.s.aid ) الوكالة التي تعمل في كل أنحاء العالم لتقديم المساعدات والبرامج الهادفة لتنمية المجتمعات حسب أهدافها المعلنة .

مندوبة الوكالة زارتنا بهدف إجراء ” إستبيان ” حول أوضاع ومواقف الإنسان الأردني .

و قبل بدء إسئلتها التي قررت أن أخوض التجربة للتعرف عليها طلبنا منها تصريحها لإجراء هذا الإستبيان فوجدناه صادرا عن وزارة الداخلية الأردنية .

وبدأت ضيفتنا بأسئلتها فكانت حول :

ـ الخدمات التي تقدمها الدولة لنا بمؤسساتها وأذرعها المختلفة من صحة ومياه ،وكهرباء ، ونقل عام ومدى كفايتها ومقدارها ، ومدى رضانا عنها ، فسألت عن عدد الأيام التي تصلنا المياه بها ،  وعن إذا ماكان التيار الكهربائي ينقطع عنا ومعدل تكرار ذلك ، وعن وجود مراكز وعيادات صحية وإن كانت شاملة أو أولية ، وما تغطيه من تخصصات ومستوى قدرات أطبائها وكادرها التمريضي والإداري  .

أما بالنسبة للنقل العام فقد حرص الإستبيان على التعرف على توفره من عدمه وكفائته .

وتطرق الإستبيان إلى موقفنا ومستوى رضانا عن تطبيق اللامركزية وعن الإنتخابات البلدية وكفاءة خدماتهما ، ومستوى جودة ادائهما وبالتفصيل بدءا بخدمات مد الطرق وصيانتها إلى جمع النفايات ومعدل تكرارها  ، إلى إستبيان الخدمات التي تتخصص بتقديمها البلديات منفصلة عن الخدمات التي تقدمها الوزارات العامة  والمؤسسات والشركات الخاصة  ، حيث تقدم البلديات مثلا  خدمات مد الطرق الداخلية وصيانتها بينما تقدم وزارة الأشغال خدمات مد وصيانة الطرق الرئيسة ، وتقدم البلديات خدمة إصدار تراخيص البناء وجمع رسوم المسقفات بينما تقدم وزارة الصحة الخدمات الصحية وشركتي الكهرباء والمياه خدمة إيصال التيار الكهربائي والمياه .

وتسألك المستبينه:

هل قمت بالتصويت بالإنتخابات البلدية  أو  البرلمانية  ؟

ما هو معدل دخلك الشهري ؟

هل يكفيك دخلك لتلبية متطلبات حياتك ؟

هل أنت ناشط في احزاب أو جمعيات أو منظمات ؟

هل يتاح لك إيصال صوتك للمسؤول في منطقتك  ؟

هل تدنت قدرتك على تلبية متطلبات حياتك وأسرتك بعد موجة إرتفاع الأسعار ؟

هل أتيح لك يوما أن تجتمع مع المسؤولين الوطنيين في منطقتك أو في المؤسسات العامة وبشكل تستطيع من خلاله  إيصال صوتك ووجهة نظرك لهم ؟

ما رايك بمستويات الدخل في الأردن  ؟

ماهو المبلغ الذي تعتقد بوجوب صرفه لعامل الوطن حتى يستطيع تلبية متطلبات حياته .. الموظف .. الطبيب .. المهندس …إلخ ؟

واسئلة كثيرة كان آخرها  الأخطر وهو :

هل أنت صاحب قدرة على إحداث التغيير فيما حولك أو فيما يستجد على حياتك ( طبعا المقصود ببسبب التغيير الذي تحدثه الدولة من تراجع في مستويات الدخل وهوامش الحريات ) .

بربكم هل يكون  هذا الإستبيان تحت شعار .. فدوى لعيونك يا أردن .

وقبل أن أتسائل لماذا .. ولماذا أرجو أن أبين بأن نشاط  وكالة الإنماء الأمريكية قد حظر في عدد من الدول منها روسيا وبوليفيا وأن بعض الدول العربية تم إرساء عطاءات مشاريعها على شركات المسؤولين وأبناء المسؤولين فيها وساكتفي بإيراد ماقالته وزارة الخارجية الروسية  والرئيس البوليفي عن سبب حظر نشاط هذه الوكالة في بلديهما .

وزارة الخارجية الروسية قالت في بيان لها :

“إن القرار اتخذ لأن عمل مسؤولي الوكالة في بلادنا بعيد كل البعد عن الأهداف المعلنة والمتعلقة بالتنمية والتعاون الإنساني”

وأضافت “نحن نتحدث هنا عن محاولات للتأثير على العمليات السياسية من خلال تقديم منح. لقد بات المجتمع المدني الروسي ناضجا ولم يعد يحتاج إلى “إدارة خارجية”، مؤكدة أن كل أنشطة الوكالة “يجب أن تتوقف

وأعلن الرئيس البوليفي إيفو موراليس أنه سيتم طرد الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية “يو اس ايد” من بلاده.

متهما إياها بالسعي إلى تقويض حكومته .

بالطبع فإن الوكالة تصنف تحت بند المنظمات غير الحكومية ، التي لايجوز التدقيق على نشاطها وسجلاتها .

هذا  الأمر لايهمنا مادامت حكومتنا تنظم عمل مثل هذه الوكالات في بلادنا وتخضعها لأنظمتنا وقوانينا المحلية التي تضبط نشاطها في مجتمعنا ، علما بأن علاقة وكالة الإنماء الأمريكية كانت غالبا  مع وزارة التخطيط في بلدنا التي يفترض أن تنظم وصول أموال مساعداتها لمؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات غير الحكومية من خلالها بشكل لايؤثر على ولاءاتها ، وعلما بأن الأردن يصنف في مقدمة  الدول التي تحظى بدعم وكالة الأنماء الأمريكية للتنمية ماليا وبرامجيا .

وبعد…

لماذا تقوم وكالة الإنماء الأمريكية للتنمية ( u.s.aid ) بإستبيان المواطن الأردني في كل محافظات المملكة لسبر غور طريقة تفكيره وموقفه من دولته وعلاقته بها التي تتمثل برضاه عن نوعية خدماتها وعددها وكفائتها ومعدلات الأجور التي تقدمها له  ، وأتسائل هل إطلعت الجهة المرخصة على الإستبيان ومحتواه وضمنت وصول نتائجه لها ولباقي مؤسساتنا بمنتهى المصداقية والشفافية ؟؟؟!!!.

ولماذا لاتقوم  مؤسساتنا الوطنية الإستطلاعية من تلقاء نفسها أو يتم تكليفها لإجراء مثل هذا الإستبيان الذي نحتاج إليه قطعا بين حين وآخر … كم سنصرف لتنفيذه؟ .. . ونحن نملك الإمكانات الفنية واللوجستية وجيش الموظفين الذين أردنا اللجوء لتقييمهم سنويا للإستغناء عن الضعيف منهم  … لماذا ..لماذا ؟؟؟!!!

 

مقالات ذات صلة