الأسد أمام مؤتمر إعادة اللاجئين : الضغوط الأميركية والعقوبات تعوق عودتهم

إنطلق صباح الأربعاء (11 من نوفمبر/ تشرين الثاني) في دمشق مؤتمر تنظمه سوريا بدعم روسي للبحث في قضية عودة اللاجئين السوريين وسبل توفير الإمكانيات اللازمة لتحقيق هذا الغرض.

المؤتمر الذي يستغرق يومين، يُعقد في قصر الأمويين للمؤتمرات في دمشق، بحضور الأمم المتحدة بصفة “مراقب”، إلى جانب وفد روسي كبير وممثلين عن بعض الدول الحليفة لدمشق مثل فنزويلا وإيران والصين وعدد من دول الجوار كلبنان والعراق، فيما قاطعه الاتحاد الأوروبي، الذي يفرض عقوبات على النظام السوري.

وفي كلمة الافتتاح التي نقلت عبر تقنية الفيديو، اتهم الرئيس بشار الأسد “الأنظمة الغربية بقيادة النظام الأمريكي والدول التابعة له في جوارنا، وتحديدا تركيا” بـ”خلق ظروف مفتعلة لدفع السوريين للخروج الجماعي”، وبعد ذلك “استغلالهم أبشع استغلال وتحويل قضيتهم الإنسانية إلى ورقة سياسية للمساومة”، على حد قوله.

واعتبر الأسد قضية اللاجئين “مفتعلة”، مضيفا في الوقت ذاته أن خطوات تسهيل عودة اللاجئين “ستكون أسرع كلما ازدادت الإمكانيات وازديادها مرتبط بتراجع العقبات المتمثلة بالحصار الاقتصادي والعقوبات التي تحرم الدولة من أبسط الوسائل الضرورية لإعادة الإعمار وتؤدي لتراجع الوضع الاقتصادي والمعيشي”

و قال الأسد إن “هذه الدول تمنع اللاجئين من العودة إلى وطنهم عبر الترغيب والترهيب”، مضيفاً: “نعمل بدأب لإعادة كل لاجئ إلى سوريا، لكن هناك عقبات كثيرة”.

وأشار الرئيس السوري إلى أن “الأغلبية الساحقة من السوريين في الخارج راغبون في العودة إلى وطنهم”، لافتاً إلى أن “اللاجئين يرفضون سياسات الدول الداعمة للإرهاب في سوريا”.

واتهم الأسد دولاً أوروبية والولايات المتحدة الأميركية بالسعي إلى “تهجير السوريين، من خلال دعم الإرهاب في بلدهم”، مشيراً إلى أن “هذه الدول حركت داعش في العام 2014 لمنع سوريا من تحقيق الاستقرار”.

بدوره، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن حل أزمة اللاجئين السوريين يتطلب مشاركة المجتمع الدولي وتوقف بعض الدول عن تسييس هذا الملف، مشيراً إلى أن هذه الدول تتحمل مسؤولية معاناة ملايين السوريين الذين أجبروا على مغادرة وطنهم.

وأوضح لافروف في كلمة خلال افتتاح المؤتمر، أن انعقاد المؤتمر الذي شاركت روسيا في تنظيمه يأتي على الرغم من معارضة بعض الدول لذلك ومحاولاتها تسييس القضية، مشدداً على أن المساعدة في عودة اللاجئين والنازحين السوريين إلى ديارهم من خلال الاحترام الكامل لسيادة سوريا ووحدة أراضيها، وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، يعد بين أهم الخطوات لضمان الاستقرار طويل الأمد في سوريا.

وأكد لافروف أن بعض الدول تستمر بدعم التنظيمات الإرهابية في سوريا وتقوم بتسييس قضية اللاجئين السوريين، ولهذا فإنها “تتحمل المسؤولية عن معاناة ملايين السوريين الذين أجبروا على مغادرة وطنهم:

وشدد على أن روسيا تقدم بشكل مستمر دعماً لسوريا، وتبذل جهوداً لضم عدد كبير من الدول والمنظمات المتخصصة للمشاركة في إعادة إعمار الأماكن الحيوية للبنية التحتية والاقتصادية المدمرة.

وأكد نائب وزير الخارجية الروسي، ألكسندر لافرانتييف، أن “هناك مساعي لخنق سوريا عبر طرق غير شرعية وغير إنسانية”.

كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني، علي أصغر حاجي، قال إن “مشكلة النازحين هي نتيجة حرب فرضت على الشعب السوري”.

وفي كلمة له خلال المؤتمر، أشار أصغر حاجي إلى أن “الجماعات الإرهابية المدعومة من أميركا تمنع النازحين من مغادرة مخيم الركبان”، مشدداً على أن “معالجة عودة اللاجئين السوريين أمر ضروري، وينبغي عدم استغلالها لتحصيل الأموال”.

ولفت إلى أن “بعض الدول التي فشلت في سياساتها في سوريا تعاقب الشعب السوري عبر قانون قيصر”، موضحاً أن “الإدارة الأميركية شددت عقوباتها اللاإنسانية على سوريا، على الرغم من مخاوف تفشي فيروس كورونا”.

أصغر حاجي أضاف أن “إيران تصر على أن حل الأزمة السورية يجب أن يكون سياسياً”، لافتاً إلى أن “المجتمع الدولي مطالب بمضاعفة المساعدات لسوريا والمشاركة في إعادة الإعمار لتسريع عودة النازحين”.

واعتبر أن “بعض الدول عرقلت هذا المؤتمر لعودة النازحين السوريين لأسباب سياسية، بدلاً من المشاركة الفعالة فيه”، معلناً أن “إيران تقترح إنشاء صندوق دولي لإعادة إعمار سوريا”.

بدوره، أعرب وزير الخارجية اللبنانية شربل وهبة عن أمله في أن “يساهم المؤتمر في إيجاد الحل لأزمة اللاجئين السوريين، وأن يعود السلام إلى كل الربوع السورية، ويرجع كل لاجئ إلى أرضه وبلده”.

ولفت إلى أن “النزوح بات يشكّل عبئاً اجتماعياً واقتصادياً على لبنان”، مناشداً المجتمع الدولي لتبني الخطة التي وضعها لإعادة النازحين إلى أرضهم، وقال: “نحن مطالبون بتكثيف الجهود الدولية لتأمين العودة الآمنة للاجئين إلى سوريا وعدم ربطهم بالحل السياسي النهائي”.

أما وزير الشؤون الاجتماعي اللبناني، رمزي مشرفية، فأشار إلى أن أكثر من 60% من النازحين السوريين، و80% من اللبنانيين، تحت خط الفقر.

وأضاف أن “حاجات لبنان تفوق المساعدات التي تلقاها بـ8 مليار دولار”، موضحاً أن “خطة الحكومة اللبنانية ترتكز على تذليل العقبات أمام عودة النازحين بالتنسيق مع دمشق وموسكو”.

مشرفية اعتبر أن “العودة التلقائية للنازحين السوريين من لبنان تراجعت بسبب جائحة كورونا”،

مشدداً على أن “معالجة عودة النازحين السوريين غير مرتبطة بإنجاز الحل السياسي في سوريا”.

بدوره، السفير الصيني في سوريا، فنغ بياو، أعلن أن “قضية اللاجئين السوريين تترك أعباء كبيرة على دول الجوار”.

وأشار إلى أنه “يجب اتخاذ إجراءات سياسية واقتصادية وأمنية متزامنة لحل قضية اللاجئين”، مشدداً على أن “الحل السياسي في سوريا يجب أن يحفظ سيادتها، وأن يكون بقيادة السوريين”.

بياو قال إن “عودة النازحين السوريين إلى وطنهم تتطلّب إعادة بناء البنى التحتية فيه”، موضحاً أن “استمرار العقوبات على سوريا أمر غير مشروع، ويجب العمل سوية لدعم الحكومة السورية”.

وأضاف: “يجب استئصال الإرهابيين وتجفيف مصادر تدريبهم وتمويلهم، كي لا تصبح سوريا مرتعاً لهم”، لافتاً إلى أن “بكين تلتزم دائماً، وبكل ثبات، بسيادة سوريا واستقلالها، وتولي اهتماماً بالغاً بقضية اللاجئين”.

وناقش الرئيسان السوري والروسي، أمس الأول، تذليل العقبات لعودة اللاجئين إلى سوريا.

وخلال اتصال عبر الفيديو مع نظيره الروسي، دعا الأسد إلى إنهاء الحصار الظالم واللاشرعي على بلاده، لتتمكن الدولة السورية من تأمين العودة لمواطنيها، وبوتين أكد من جهته أن حجم الكارثة الإنسانية في سوريا لا يزال كبيراً

 

 

مقالات ذات صلة