
التطبيقات القضائية لمبدأ لوكارد
بقلم ماوية عقاربة
ولد العالم ادموند لوكارد في عام ١٨٧٧ في فرنسا، وكان صاحب أول مختبر جنائي في العالم والذي كرسه لدراسة علوم الأدلة الجنائية خاصة تلك المستخلصة من مسرح الجريمة باعتباره بيئة خصبة مليئة بالإدلة التي تساعد في الوصول إلى الحقيقة، إلى أن توصل هذا العالم إلى نظرية هامة أسس عليها علم مسرح الجريمة وهي نظرية تبادل الأثر (نظرية لوكارد) والتي تنص على أنه عند تلامس أي جسمين ببعضهما فإنه يوجد دائما انتقال للمادة من كليهما للآخر وأن كل مادة تترك أثرها في الأخرى، وتطبيقا لهذا المبدأ فقد استقر اجتهاد محكمة التمييز على أن وجود البصمة أو آثار الدماء أو الخلايا الطلائية العائدة للمتهم في مسرح الجريمة يعتبر دليلاً كافياً على ارتكابه للجريمة أو اشتراكه بها ما لم يقدم دليلا كافيا لإثبات مشروعية حضور المتهم في مسرح الجريمة ليصار إلى استبعاد ارتكابه للجريمة أو المشاركة فيها، ففي قضية قتل فتاة وقعت في عام 2012 وتم الاشتباه بشقيق المغدورة والذي اعترف لاحقا بارتكابه الجريمة وتمت إدانته بالجرم بقرار قطعي إلا أنه وبمرور ست سنوات على ارتكاب الجريمة وبتاريخ 24/5/2018 صدر التقرير الفني المتعلق بالجريمة عن إدارة المختبرات والأدلة الجرمية والذي أثبت وجود دماء في مسرح الجريمة تتطابق سماته الوراثية مع السمات الوراثية لشخص آخر لديه سوابق جرمية وتمت إحالته لمحكمة الجنايات الكبرى والتي حكمت ببراءته ابتداء ذلك أن البينة التي قدمتها النيابة العامة اقتصرت فقط على تقرير المختبر الجنائي بخصوص عينات الدم والذي اعتبرته المحكمة قرينة قضائية لا تصلح للإثبات إلا إذا تعززت بدليل آخر إلا أن محكمة التمييز فسخت الحكم لاحقا باعتبار أن تطابق عينات الفحص المخبري مع (DNA ) المتهم يعتبر دليل قاطع على تواجد المتهم لحظة ارتكاب الجريمة في مسرح الجريمة وبما أن آثار الدماء موجودة على مسرح الجريمة الموجودة فيها جثة المغدورة فهي قرينة على أن المتهم هو القاتل ما لم يقدم أي دليل يثبت عكس هذه القرينة وبعد ذلك عادت محكمة الجنايات الكبرى وجرمت المتهم ومن ثم تقدم شقيق المغدورة بطلب إعادة المحاكمة استنادا لنص المادة (292/2) من قانون أصول المحاكمات الجزائية وقررت محكمة التمييز مؤخرا قبول طلب إعادة المحاكمة .
وفي قضية سرقة حكمت محكمة التمييز بأنه إذا من ضمن العينات التي تم فحصها من قبل إدارة المختبرات والأدلة الجرمية والمتعلقة بحادث سرقة منزل المشتكي (كف يد كتان لون أبيض وأسود وأصفر من الداخل) وعينة دم تعود للمتهم (المميز ضده) حيث تبين وجود تطابق مع السمات الوراثية للخلايا الطلائية المستخلصة عن فردة الكف مع السمات الوراثية لدم المتهم ، وحيث استقر اجتهاد محكمة التمييز على أن وجود بصمة أو دماء أو خلايا طلائية تعود للمتهم في مسرح الجريمة لهو دليل على اقترافه للجرم المسند إليه طالما لم يثبت مشروعية وجود القفاز (كف اليد) داخل سور منزل المشتكي الذي تعرض للسرقة.
ونشير أخيرا إلى أن وجود خلايا طلائية أو بصمات أو أية آثار أخرى تعود للمتهم في مسرح الجريمة لا يعتبر بكل الأحوال دليل كافٍ للإدانة إذا كان المشرع قد اشترط توافر عناصر أخرى في الجريمة معنصر عدم الرضا في جريمتي السرقة والاغتصاب، فهي تعتبر دليل كافٍ لإثبات الركن المادي في الجريمة إلا أنها لا تعتبر دليل كافٍ لإثبات الجريمة بكل الأحوال