قضية القرنين… وصفقة القرن

كمال زكارنة

انهت القضية الفلسطينية قرنها الاول ..العشرين الماضي، كما انهت خمس قرنها الثاني.. الحادي والعشرين الحالي، وما تزال الوحيدة في العالم المعاصر تراوح مكانها دون حل، بفضل الدعم والحماية والغطاء الامريكي الشامل والكامل للاحتلال الصهيوني، والتبني الذي لا ينتهي لهذا الابن الغاصب لارض فلسطين الذي لا يكبر ولا يشيب، وكم من الادارات الامريكية تغيرت وتعاقبت وما يزال الابن المدلل -الكيان المحتل-رضيعا يحتاج الى المزيد من الدلال والرعاية والمساعدة، بحسب التقييم الامريكي المنحاز باعوجاج الى حد الانحناء والتقوُس لصالح المحتل، ويطل علينا الرئيس دونالد ترامب ببعض الافكار التي صاغها نتنياهو ومعاونوه ، وحملها الى البيت الابيض المستوطن والناشيء السياسي كوشنير، واسماها صفقة القرن كمشروع لحل القضية الفلسطينية، يقوم على تصفيتها سياسيا وجغرافيا وديمغرافيا، يلوّحون بها من وقت الى آخر كعنوان مؤامرة لا اكثر ولا اقل، وهي في الحقيقة والواقع غير موجودة، وان كانت فعلا محاكة كما ظهرت بعض ملامحها، فانها لا ترقى الى مستوى مشروع سياسي او خطة سياسية، لانهاء صراع دامي تجاوز عمره السبعة عقود، ولا تعدو كونها بلاغات او بيانات عسكرية متتالية، ومع ذلك فقد اجهضتها وافشلتها المواقف الاردنية والفلسطينية والعربية والاسلامية والدولية، قبل ان ترى النور بسبب رداءتها سياسيا ومنطقيا.

ما يثبت ويؤكد فشل المحاولة، التي يسمونها صفقة القرن والتي يمكن ان تحمل كل التسميات، الا تلك التي تنتمي للحلول السياسية وحل الصراعات على اسس متوازنة، نفي الادارة الامريكية لاهم الركائز التي تحمل الصفقة، والتبرؤ منها ومن وجودها ضمن محتواها، مثل عدم تضمنها مشروع اقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة تتمدد في صحراء سيناء المصرية، وملحقات سياسية واقتصادية اخرى كثيرة تتبع هذا المرتكز في الصفقة، ودعوات متكررة من بعض اعضاء الكونغرس الامريكي للادارة الامريكية باعادة النظر بقرار وقف المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية، واستئناف تقديم المساعدات لها، وتوقعات المسؤولين الاميركيين برفض اردني فلسطيني عربي للصفقة.
بنسبة 99 %، مما يعني ان الصفقة فاشلة وهي اقرب بكثير الى الفرمانات العسكرية، وابعد ما تكون عن المشاريع والحلول السياسية، وغير ذلك الكثير من التساؤلات وحملات التشكيك والنقد والرفض التي تدور حول تلك الصفقة.
الموقف البارع جدا والشجاع الذي يتخذه جلالة الملك عبدالله الثاني من القدس والقضية الفلسطينية عموما، والذي استقطب بكثافة غير مسبوقة الاردنيين والفلسطينيين والعرب والعالم، يمثل الدور الحاسم والحازم في رفض الصفقة، واي طروحات او افكار اخرى مهما كان مصدرها، اذا ما كانت تستند الى مبدأ حل الدولتين واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران عام 67، والموقف الفلسطيني الصلب الذي يرفض بكل قوة التنازل عن شبر واحد من الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، والاجماع العربي والاسلامي على التأييد الكامل للموقفين الاردني والفلسطيني، والاسناد الدولي لهذا الموقف، وضع الصفقة في مهب الريح رغم القرارات الامريكية المجحفة والمنحازة بشأن القدس والجولان، ولم تعد هناك ارضية مهيأة للرئيس ترامب ومساعدوه للوقوف عليها لقراءة بنود الصفقة ان وجدت.

مقالات ذات صلة