وزير سابق: التعيينات سبب تراجع الإدارة بالأردن

حرير – قال الوزير السابق إبراهيم سيف إن سبب تراجع اداء الادارة الأردنية بشكل عام هو الخلل الكبير في التعيينات والاساليب البالية التي ظل يوظفها ديوان الخدمة المدنية،والخلل في نظام الحوافز والعقوبات والذي يهدف الى حماية الموظف من “تعسف” صاحب القرار.
وتاليا نص مقال الوزير السابق إبراهيم سيف والتي نشرته يومية الغد:

لا ينقطع الحديث عن سوء ادارة الازمات أو سوء ادارة الموارد المتاحة، وفي بعض الاحيان يثور تساؤل مشروع هل العيب في نقص الموارد او عدم القدرة على ادارتها بالشكل الفعال الذي يعظم المنافع، والى متى يستمر هذا الواقع الذي من الواضح انه لا يتحسن مع مرور الوقت.

ضمن ذات السياق لا تتوقف الشكوى عن الكيفية التي نتعاطى بها مع المستثمرين والوقت اللازم لانجاز المعاملات، وترتيب الاردن في الكثير من مؤشرات اداء الأعمال وكفاءة الحكومة، وهناك كلام معسول حول التحسن لكن ذلك لا يترجم الى سياسات واقعية، مما يعني ان الأردن يبذل جهودا على اعلى المستويات لنقل صورة ايجابية عن جاذبية الأردن لكن الواقع يخالف ذلك مما يضعف الثقة بالحكومة.

وعندما نجالس بعض من عملوا في الإدارات الحكومية السابقة لعقود خلت، دائما ما يتم الحديث عن الاداء المتميز لبعض موظفي وموظفات الدولة الذين نفتقدهم الآن حيث كانت بعض الفئات تجمع ما بين الولاء والكفاءة لرفع سوية العمل العام ومن الواضح ان معايير الكفاءة خلال السنوات الماضية تراجعت لحساب ما نصفة بالواسطة والمحسوبية وتراجع معيار الكفاءة لصالح معايير اخرى ساهمت بالحد من قدرة مؤسسات القطاع العام بما ذلك الخدمية منها على الاستجابة للمستجدات والتحديات، سواء ما يتمثل منها بالأزمات التي تتطلب قرارات سريعة ومرونة، او ما يتعلق بتوظيف ادوات تكنولوجية جديدة تعزز الكفاءة.

من خلال تجربيتي الشخصية لا انكر وجود بعض المتميزين في القطاع العام، وبرأيي فإن هذه الفئة هي الوقود الذي يسير الدولة، هؤلاء المتميزون ذوو الكفاءة يعملون وسط بيئة غير مريحة، وليس بالضرورة انهم يكافؤون بالشكل اللائق، لا بل احيانا تتم محاربتهم، ومن يتخذ منهم قرارا او يجتهد في بعض القضايا لا يجد من يهب لنجدته او الدفاع عن اجتهاده، ولعل الكثير من القضايا التي تثيرها بعض اجهزة الرقابة المالية والادراية تحبط هذه الفئة التي ترى ان قلة الاجتهاد تجنب المتاعب، بذلك تنضم هذه الفئة النشطة الى المجموعة الكبرى التي تفضل النأي بالنفس عن اتخاذ القرارات.

واذا اردنا تلخيص جملة من الاسباب التي ادت الى تراجع اداء الادارة الأردنية بشكل عام يأتي في مقدمتها الخلل الكبير في التعيينات والاساليب البالية التي ظل يوظفها ديوان الخدمة المدنية، ثاني الاسباب يتعلق بالخلل في نظام الحوافز والعقوبات والذي يهدف الى حماية الموظف من “تعسف” صاحب القرار، وهذا ساهم الى حد كبير بانتشار الكثير من اللامبالاة، يضاف الى ذلك السرعة في التغيرات التي تطال رأس الهرم الادراي . ثالث الاسباب هو القدرات المحدودة عند الموظفين على استيعاب المتغيرات لا سيما التكنولوجية منها في الكثير من المفاصل، ولعل هذا يفسر استمرار الحديث عن الحكومة الالكترونية التي لم تر النور في الحقيقة باستثناءات محدودة.

يضاف الى كل تلك الاسباب حقيقة ان الاقتصاد الأردني بات يخضع لمنظومة متشابكة ومعقدة من التشريعات والانظمة التي فيها الكثير من تداخل الصلاحيات وضبابية الرؤيا والتي تساهم مرة اخرى بأن يصبح هناك اتكاء على الآخرين لتنفيذ المهام.

يسعى الأردن بعد مؤتمر لندن لتبني رواية جديدة تقوم على تعزيز النمو من خلال تحسين الاداء وزيادة الفعالية، ودون اصلاح حقيقي للإدارة العامة، يكاد يكون هذا الوضع مستحيلا، وترتيب الأردن في معيار الكفاءة الحكومية، ونوعية التشريعات والمساءلة لا تزال متدنية. وهذه مهمة محلية تحتاج جهودا ذاتية، بغير ذلك فإن افتراض ان الادارة الحالية ضمن نفس المعطيات قادرة على احداث التغيير هو افتراض خاطئ.

مقالات ذات صلة