العدوان يكتب .. النائب عماد العدوان وصلافة نتنياهو . . !

موسى العدوان

حرير- تناقلت وسائل الإعلام خلال اليومين الماضيين، أخبارا صادرة عن وزارة الخارجية الإسرائيلية ووسائل إعلامها، تفيد بأن نقطة التفتيش على معبر الكرامة ( جسر الملك حسين ) القت القبض على النائب الأردني عماد العدوان، وهو يحاول تهريب كميات كبيرة من الأسلحة، إضافة إلى 100 كغم من الذهب في سيارته الرسمية. ومنذ ذلك الوقت وأنا أحاول تقييم واستيعاب هذا الخبر، إلاّ أنه استعصى عليّ فهمه للأسباب التالية:

1. النائب عماد العدوان يحمل شهادة الماجستير في الحقوق، ولا يعقل أن رجل قانون بهذا المستوى العلمي والقانوني، أن يُقدم على مثل هذا العمل وهو يعرف عواقبه، ويعرف أن لدى نقطة التفتيش الإسرائيلية أجهزة إلكترونية حساسة، وكلاب متخصصة في اكتشاف الأسلحة والمتفجرات.

2. رغم صغر سن النائب، إلاّ أنه كان قبل انتخابه نائبا في المجلس التاسع عشر، كان عضوا في الهيئة المركزية لوزارة الداخلية الأردنية لسنوات عديدة، ويدرك معنى المسؤولية وما يترتب عليها أخلاقيا واجتماعيا.

3. كميات وأنواع الأسلحة، التي أعلن عن ضبطها في سيارة النائب وتم عرض صورها، لا يعقل أن يتم حملها في سيارة متوسطة الحجم، من حيث الحجم والوزن، وسهولة ملاحظتها واكتشافها من قبل الجميع، وبما يفقدها السرّية لو كان القصد تهريبها إلى داخل فلسطين.

4. إذا كان من بين المواد المضبوطة 100 كغم ذهب، فلماذا يحملها النائب بسيارته ؟ إذ كان بإمكانه تصريفها في السوق المحلي، وحمل قيمتها نقدا في حقيبة يدوية بسهولة، علما بأن حالة النائب المادية لا تمكنه من شراء هذه الكمية الكبيرة من الذهب.

5. وإذا افترضنا أنه قد تم ضبط تلك المواد بسيارة النائب، ألا يمكن أن تكون قد دُبرت العملية بتخطيط خبيث معين، ووضعت بسيارته خلال تفتيشها وهو بعيد عنها ودون معرفته ؟ لاسيما وأن العدو يعرف أن هذا النائب عضو في لجنة فلسطين النيابية، وأنه كثيرا ما يلقي خطابات حماسية تؤيد المقاومة ضد المحتل.

وهنا أودّ أن أذكّر بأن رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي نتنياهو، يستمرئ كيل الصفعات والضربات المتلاحقة للأردن بكل صلافة، وما كان علينا إلاّ استقبالها بكل أريحية، امتثالا لقول المسيح عليه السلام : ” من ضربك على خدك الأيمن أدر له الأيسر “. وانطلاقا من هذا القول اسمحوا لي أن أستعرض تاليا بعض الصفعات، التي وُجهها نتنياهو للأردن خلال السنوات القليلة الماضية :

أ‌. بتاريخ 9 / 3 / 2014، قتل الجنود الإسرائيليون القاضي الأردني رائد زعيتر عليه رحمة الله، في معبر الكرامة إيّاه، بينما كان يهمّ بالصعود إلى الحافلة، بعد انتهاء التفتيش الإسرائيلي ليتوجه إلى أقاربه في فلسطين، ولم يتم التحقيق أو محاسبة القاتل من قبل الحكومة الإسرائيلية.

ب‌. بتاريخ 23 /7 / 2017، جرى مقتل شابين أردنيين في مبنى السفارة الإسرائيلية بعمان عليهما رحمة الله، وتم إخراج القاتل من الأردن سالما إلى دولت ، بينما كان نتنياهو يتصل مع القاتل قبل مغادرته السفارة، ويستقبله في مكتبه مهنئا على فعله بحضور صديقته، في استعراض مستفز لمشاعر الأردنيين، ورافضا محاكمته استجابة لطلبات الأردن المتكررة.

ت‌. بتاريخ 10 / 3 / 2021، منعت قوات الاحتلال الإسرائيلي ولي العهد الأردني الأمير حسين بن عبد الله الثاني من الصلاة في المسجد الأقصى وعاد من منتصف الطريق، ولم تتخذ الحكومة الأردنية أية إجراءات سوى اللوم والاستنكار.

ث‌. هذا عدا عن الاقتحامات المتكررة لقطعان المستوطنين اليهود لباحات المسجد الأقصى، والاعتداء على المصلين والمعتكفين في المسجد خلال شهر رمضان، تحت حراسة قوات الأمن الإسرائيلية، مخالفين بذلك ما ورد في معاهدة وادي عربة، بخصوص الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة في القدس.

ج‌. ظهرت يوم أمس تغريدة على تويتر لأحد أعضاء الشاباك الإسرائيلي يقول فيها : ( ولا أعلم مدى صحة قوله ) : ” أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، رفض مكالمة من ملك الأردن عبد الله الثاني، وأن النائب عماد العدوان سيعرض على القضاء الإسرائيلي، وسيأخذ القانون مجراه وسوف يسجن”.

بعد كل هذه الصفعات التي وجهها نتنياهو للأردن بكل صلافة ماذا ننتظر؟ ولماذا لا نستخدم أوراقنا لمواجهة هذا الصلف والاستفزاز الإسرائيلي المتكرر؟ لماذا لا نقتدي بما فعله الملك حسين عليه رحمة الله، في حادثة خالد مشعل المعروفة فأنقذ حياته وأخرج الشيخ أحمد ياسين من الاعتقال؟

لماذا لا نعيد النظر باتفاقيات : وادي عربة التي انتهكتها إسرائيل مرات عديدة؟ واتفاقية الغاز، والكهرباء مقابل الماء، والسماح لخطوط المواصلات وسكة الحديد المقترحة للمرور بالأراضي الأردنية إلى دول الخليج، والتعاون الأمني السري بين الطرفين ؟

والسؤال الهامّ الذي يطرح نفسه الآن هو : هل نحن مجبرين على الرضوخ لما صرّح به أحد كبار المسؤولين قبل بضعة أسابيع، بأننا عاجزون عن الفعل، وما علينا إلاّ الاستسلام للعدو؟ أن احتجاز النائب الأردني عماد العدوان من قبل العدو الإسرائيلي تحت حجج كاذبة، هو إساءة بالغة للأردن، وهو اختبار لقدرة الأردن في الدفاع عن كرامة الوطن ورجاله.

في الختام نهيب بجلالة الملك عبد الله الثاني قائد الوطن، أن يستخدم علاقاته والأوراق التي بين يديه، لإنهاء هذه الأزمة المصطنعة، التي خلقتها أجهزة الأمن الإسرائيلية المعادية، ضد النائب الوطني عماد العدوان رغم حصانته البرلمانية، والإصرار على استعادته سالما إلى وطنه، كممثل للشعب الأردني، بأقرب فرصة ممكنة.

مقالات ذات صلة