القواعد الذهبية للاستثمار في الأوراق المالية

 

أشرف دوابه 

الاستثمار في الأوراق المالية علم وفن له أصوله وقواعده، ويتطلب قدراً من المعرفة والخبرات العلمية والعملية التي تساعد على حسن الاختيار والمفاضلة بين الفرص الاستثمارية المتاحة في السوق. ولكن للأسف الشديد اعتاد المستثمرون في دولنا العربية على السير وراء سياسة القطيع، وفقا لنظرية المستثمر الأكثر حماقة.. تلك النظرية التي تطلق على الحالات التي يندفع فيها المستثمرون لشراء أسهم ما، ليس بناء على قيمتها الفعلية، والتي تتمثل بالأرباح والعوائد التي تحققها، وإنما تشترى لأن المستثمر يعتقد أنه بإمكانه إيجاد مشتر آخر لهذه الأسهم أكثر حماقة منه يدفع له بها سعراً أعلى من السعر الذي اشتريت به في الأساس، وهو ما أدى لتغذية فقاعات المقامرات وتبخر الأموال.

هناك قاعدتان للاستثمار وضعها “بنجامين غراهام” من جامعة كولومبيا، ثم اعتمدها تلميذه “وارن بافيت”، أنجح مستثمر محترف في العالم. القاعدة الأول: لا تخسر المال، والقاعدة الثانية: لا تنس القاعدة الأولى. وبناء على ذلك وضع “وارن بافيت” مجموعة من النصائح للمستثمرين لبناء الثروات، كما ذكر غيره العديد من النصائح.

وفي ضوء افتقاد أسواقنا العربية للكفاءة الاقتصادية، يمكن اعتبار قاعدتي “بنجامين غرام” قاعدتين ذهبيتين رئيسيتين للاستثمار في الأوراق المالية، يضاف لهما عشر قواعد ذهبية أكثر تفصيلاً، نتناولها فيما يلي:

أولاً: السعر غير القيمة: إن السعر ما تدفعه، أما القيمة هي ما تحصل عليه، لذا فإن مفتاح الاستثمار أن تشتري أثناء انخفاض الأسعار، وتبيع حينما ترتفع. فعندما تنخفض الأسعار يُحجم الجميع عن الشراء، مخافة المزيد من الانخفاض، فحينها يتعين عليك الشراء. وحينما ترتفع الأسعار يتوقف الجميع عن البيع، لتحقيق المزيد من المكاسب، ظنا منهم بمواصلة الارتفاع، فحينها يتعيَّن عليك البيع.

ثانياً: حدد ماذا تريد: وذلك بتحديد أهدافك من الاستثمار المالي، من حيث طبيعة العائد المرجو تحقيقه، والتوقيت الملائم للحصول على هذا العائد، وحجم المخاطر التي يمكن تحملها، في ضوء العلاقة التعويضية بين العوائد والمخاطر. فكلما كان العائد المرجو أعلى كلما كان على المستثمر تحمل مخاطر أعلى، مع مراعاة أن يكون استثمارك المالي في حدود المبلغ الفائض عن الحاجة، باعتبار الاستثمار في سوق الأوراق المالية في الأصل استثماراً طويل الأجل.

ثالثاً: الاستثمار الناجح يتطلب وقتاً وانضباطاً وصبراً وإبداعاً: مهما كانت الموهبة أو الجهد كبيرين، فإن هناك بعض الأشياء التي تستغرق وقتاً طويلاً، فلا يمكنك أن تنتج طفلاً في شهر عن طريق الحصول على تسع نساء حوامل.

وهذا يتطلب أيضا منك بذل الجهد والوقت للبحث عن المعلومات حول الورقة المالية التي ترغب بالاستثمار بها، وتحليل هذه المعلومات للوصول إلى قرار استثماري سليم، وفي حال عدم القدرة على ذلك يمكن اللجوء إلى الجهات المرخصة لتقديم الاستشارات المالية، أو الاستثمار في الأدوات ذات المخاطر المتدنية كصناديق الاستثمار.

رابعاً: الفرص تأتي نادراً: إذا أمطرت الدنيا ذهباً، ضع دلواً، وليس كشتبان، (والكشتبان هو القمع الذي يغطي طرف إصبع الخياط ليقيه من وخز الإبر)، والمقصود هو أن تستغل الفرص حينما تأتي أفضل استغلال ممكن.

خامساً: تنويع الاستثمارات هو في الأصل حماية ضد الجهل المتعلق بها: من المنطقي أن يكون تنويع الاستثمارات قليلاً لأولئك الذين يعرفون ما يفعلونه. وفي ظل كون الأسواق المالية عرضة للارتفاع والانخفاض والعوائد بها لا تتحقق بسرعة، لذلك يحمي الاستثمار طويل الأجل المستثمر من التقلبات اليومية. كما يقلل التنويع في الأوراق المالية وفي آجال الاستثمار درجة المخاطر إلى حد كبير.

سادساً: استفد ممن هو أفضل منك، وتعلم من إخفاقات الأشخاص أكثر من نجاحاتهم: إن انتقاء الشّرَكاء الذين يملكون سلوكيات أفضل، وقضاء وقت معهم، سوف يعكس سلوكياتهم الجيدة عليك. وفي الوقت نفسه فإن إخفاق الأشخاص فيه دروس وعبر أكثر من نجاحاتهم، لذا ينبغي استيعاب هذه الدروس جيداً؛ فهي أكبر معلم.

سابعا: تعلم أن تقول “لا”: الفرق بين الناس الناجحين والناجحين حقاً، أن الناس الناجحين حقاً يقولون: “لا” لكل شيء تقريباً، ومعنى هذا أن النجاح يتطلب تركيزاً شديدا، فهناك الكثير من الناس لديهم قوائم مهام طويلة (to-do lists) ويعملون على أن يكونوا أكثر إنتاجية، بينما امتلاك قائمة للمهام التي لا ينبغي فعلها (not-do list) هو في الحقيقة أكثر أهمية، إذا أراد الشخص أن يفعل أشياء عظيمة.

ثامنا: أعد استثمار أرباحك: لا تترك الأرباح خاملة بل استثمرها، فحتى لو كان المبلغ صغيراً، فيمكنه أن يتحول إلى ثروة كبيرة.

تاسعا: اعرف جيداً متى تتوقف: ينبغي أن تعرف جيداً متى تبتعد، أو تتخلى عن الخسارة، ولا تسمح للقلق بأن يخدعك لتحاول مرة أخرى.

عاشرا: تسلح بالمعرفة المستمرة: يجب على المستثمر توطين نفسه لتعلم المزيد عن إدارة الأموال، ويلزم نفسه بذلك مدى الحياة، فهو تعلم مستمر. فجزءٌ كبيرٌ من وظيفة المستثمر هي الحد من المخاطر، والخطر يأتي دائماً من الذين لا يعرفون ما يفعلونه.

والتسلح بالمعرفة يتطلب من المستثمر أيضا ضرورة المعرفة التامة بكافة الأدوات الاستثمارية المتاحة والمعلومات المتوفرة عن هذه الأدوات من معلومات عامة ومالية وجوهرية، وضرورة الإلمام بكيفية قراءة المعلومات المالية المتوفرة عن الأدوات المالية المتداولة، ومتابعة حركة الأسعار في البورصة بشكل مستمر، ومتابعة المؤشرات الاقتصادية وربطها مع حركة البورصة، وعدم اتباع الإشاعات، والاستثمار حسب المنهج العلمي والامتثال الشرعي.

كما أن التسلح بالمعرفة يتطلب كذلك معرفة المستثمر بحقوقه التي كفلتها له التشريعات والقوانين، ومتابعة كافة الأنظمة والتعليمات التي تصدرها الجهات المختصة والمتعلقة بالاستثمار في الأوراق المالية وحماية حقوق المستثمرين.

مقالات ذات صلة