أحلام مقصوفة الرقبة

يوسف غيشان

حرير- يدعي بعض العلماء بأنهم اكتشفوا مادة تساعد على اختفاء الأجسام المادية طبعا. وبصفتي من قراء المجلات المصورة من مرحلة الطفولة والمراهقة والشيخوخة أحيانا، وبالتالي من اتباع مدرسة سوبرمان والرجل الوطواط وطاقية الإخفاء ، فقد افترضت بأن الأمر قد تأخر كثيرا قبل اكتشاف هذه المادة التي كنا اخترعناها، في الخيال، من عقود.

طاقية الإخفاء ..فكرة اخترقت طفولتنا ومراهقتنا ، منّا من استخدمها ذهنيا لمقابلة محبوبته بعيدا عن أعين الرقباء ، او لمراقبتها ،ومنا من فكر فيها لسرقة اسئلة الامتحانات،أو إشعال النار في المدرسة، او حتى لسرقة البنوك .

شخصيا كنت من طائفة المفكرين في طاقية الإخفاء، وربما شماغ الإخفاء أو مرير الإخفاء، للتشنيع على االصهاينة ، ودفعهم الى الاشتباك ببعضهم وتدميرهم …يعني كنت من طائفة الوطنيين الذين يرغبون بتحرير فلسطين ، لكنهم لا يريدون دفع الثمن ..ثمن القتال من أجلها، فيفضلون طاقية الإخفاء ليقوموا بواجبهم الوطني بأقصى درجات التقية والأمان، ولن ينسوا الإعلان عن انفسهم بعد التحرير الكامل وزوال الخطر، حتى ينالوا التقدير والاحترام والنياشين.

ولما كبرت تضاءلت احلامي وتحولت الى حلم الدخول الى الملفات العامة والخاصة وكشف الفساد والإفساد والحصول على سبق صحفي في الموضوع…طبعا سوف اقوم بتصوير الوثائق وتوزيعها وانا مختف ..حتى أضع الفاسدين المفسدين أمام الأمر الواقع.، دون أن يستطيعوا تخويف أحد أو رشوة أحد للتخلص من المأزق.

ثم تضاءلت أحلامي أكثر فأكثر حتى، صرت أسعى للحصول على طاقية الإخفاء لمعرفة كيف يتم حل وتشكيل الحكومات الأردنية ، وربما حضور احدى جلسات الحكومة ، ربما من اجل فهم آلية التسعير للمشتقات البترولية، التي لا يفهمها أحد حتى الوزراء المعنيين بالموضوع.

وها هي احلامي تتضاءلت ,,,حتى صار الإختفاء .. مجرد الإختفاء… أمنية كبرى:

– الاختفاء من امام غول الاسعار الذي يكبر ويكبر ويلتهم الجميع.

– الاختفاء حتى لا أرى الفقراء الذين يزدادون انسحاقا ،والفقراء الجدد الذين يهبطون يوميا من الطبقة الوسطى الى الطبقة الجالسة على (الوسطى).

– الاختفاء حتى لا أرى الأردن وهو يتحول الى جيب فقر واحد ، كامل المواصفات والمقاييس.

 

مقالات ذات صلة