هل نجحت الدولة في التصدي لجائحة كورونا ؟

المحامي  يزن جميل محادين

داهمت جائحة كورونا العالم في بداية عام 2020 و ارخت ظلالها القاتمة على كافة النواحي الصحية والاجتماعية والاقتصادية بشكل ثقيل، وقد تفاوتت درجات الإستجابة والتصدي بين دولة وأخرى لهذه الجائحة، فنجحت بعض الدول ذات المقدرات البسيطة في إعطاء  قدر اكبر في الاستجابة في حين فشلت دول عظمى في توفير ذات القدر من الحكمة وقدرة التعاطي مع الجائحة كإيطاليا مثلاً، وكشف ذلك مدى فعالية وسرعة هذه الحكومات في التعاطي مع الازمات.

      في الاردن كغيره من الدول لا بد من بحث انعكاسات جائحة كورونا بشكل مستقل لكل أثر مع اثار هذه الجائحة زيادة في العدالة في تقييم عمل الحكومة.

    على صعيد الاثر الصحي على المجتمع، فإن الحكومة الاردنية بحسب اعتقادي -وانا غير مختص في هذا المجال – قد أدت أداءً مقبولاً في هذا الاتجاه على نحو اجمالي، فقد حافظت على مستوى الاشغال في المستشفيات ضمن نسب مئوية مقبولة بحيث لم نلحظ ان هناك من يحتاج سرير طبي ولا يجده، كما اخذت اجراءات احتياطية من خلال اوامر الدفاع من حيث تمكين وزارة الصحة من تفعيل نصوص قانون الدفاع على المستشفيات والمراكز الصحية الخاصة لمواجهة اي نقص في اسرة المرضى ولو لم تحتاجه ولكنه كان تصرفاً حصيفاً، ولا يعني ذلك عدم وجود هفوات وتقصير كما حصل في فاجعة مستشفى السلط رحم الله شهداؤه وكذلك تأخير الحكومة في توفير اللقاح مقارنة مع دول العالم والجوار.

   أما على الصعيد الاقتصادي فإن الحكومة كانت على مدرجات المشجعين تراقب المشهد دون فعالية وإن علا هتافها، فقد اصدر رئيس الوزراء اوامر دفاع لتنظيم بعض الاحكام المتعلقة بقانون العمل والضمان الاجتماعي وتسهيلات البنوك ولكن كل مواطن ذو صلة بتلك الاوامر لاحظ بأنها مجردة من الافكار الخلاقة او الناجعة، واهم ما كانت الحكومة تحرص عليه بأن لا تشارك اي طرف في تحمل تبعات الجائحة المالية والاقتصادية فألقت عبئاً على العامل ورب العمل وصندوق ادخارهم في الضمان الاجتماعي، اجبرت البنوك على قبول تأخير الدفعات لكن حملت المواطن الفوائد البنكية الناتجة، كما تركت القطاع الصناعي في مهب الريح فلا ساعدت في توفير استيراد المواد الخام ولا عاونت في تصدير المنتجات واكتفت في قطاع النقل على توقيف عجلة سيره وقطاع السياحة كانت تتباكى معه كحال اصغر موظفيه، وتركت جميع من سبق يعاني شح الموارد وعدم توافر فرص العمل. 

   وفي ذات السياق الاقتصادي، فعندما كانت تستشعر الحكومة إمكانية النيل من رصيدها المالي أو الشعبي كانت كمن لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم، ففي حين كان الناطق الرسمي يسهب في شرح  فوائد الكمامة تكاد لا تجد له تصريحاً في ما يتعلق بعلاقة المؤجر والمستأجر أو من اين سيؤمن العامل اليومي قوت أولاده، او ما خطة الحكومة لتعافي الاقتصاد من آثار الجائحة ، أو كيف سيتم التعامل مع الالتزامات المالية على المواطنين أو القطاعات الاقتصادية نتيجة الجائحة.

و ليعلم الجميع و من واقع خبرتي هذه المرة بأن ما كنا نشاهده و نسمعه من تصريحات للمسؤولين على القنوات الرسمية لم يكن موجودا على ارض الواقع .

   اما على الصعيد السياسي والثقافي فقد اكتفت الحكومة بالضغط على زر التوقف لحين مرور الجائحة وهو ما لا تحمد ولا تلام عليه ، ولكنه لا يمكن أن يحسب كأنجاز لها في هذه المجالات.

   لقد تعود المواطن الاردني ان يتم الاهتمام النسبي من الحكومة بالتداعيات الفورية للمشاكل واهمال التخطيط بعيد المدى كون الحكومة التي تتعامل مع أي مشكلة تعلم ان عمرها السياسي محدود ، ولكن تعاقب هذه السياسة على نحو متكرر في الحكومات المتوالية جعلنا نصل الى وضع سياسي واقتصادي وبيروقراطي صعب جداً يحتاج لحكومة خلاقة فاعلة تستطيع اعادة الاردن الى الطريق الصحيح.

في النتيجة باعتقادي لم تنجح الدولة في التصدي للجائحة فمواطن خالي من الكورونا و لكن مديون ومحبط ليس انجازاُ ولا نجاحاً.

مقالات ذات صلة