
رأي في الصراع الاخير… بقلم نصوح المجالي
هذه المواجهة في القدس والقصف المتبادل بين اسرائيل وغزه جاء هذه المره على خلفية الإصرار على إعادة الصراع حول قضية و حقوق شعب فلسطين وحماية المقدسات الاسلاميه ورفض تدنيس الاقصى ، واغتصاب حي الشيخ جراح بعد ان توهمت اسرائيل ومن تعاون معها في التطبيع المجاني انه يمكن تغييب جوهر القضيه واستبداله بمنافع متبادله امنيه واستثماريه .
لكنها ايضا اعادت تاكيد اهمية مقاومة الاحتلال بكل الوسائل الممكنه ، بما فيه نقل الصراع الى الداخل الاسرائيلي لتألم اسرائيل ايضا وتنتهي اسطوره الحماية الاسرائيليه الكاملة تحت قبة دفاع حديديه.
و برز في هذا دور ايران في تسليح المقاومه في غزه بغض النظر عن اهداف ايران من وراء ذلك ،
لكن المفارقه المهمة ان اسرائيل منذ اعوام تتفلت وتهدد بضرب ايران ومشروعها النووي عسكريا وهاهي ايران تجند وتسلح ذراعا عسكريا قريبا تضرب به اسرائيل بقوة وعن قرب ولتفرض بحضورها هذا نفسها كلاعب اقليمي فاعل وحاضر في ضوء غياب عربي مطبق.
اما فلسطينيا فقد اسقطت هذه المواجهه ونتائجها الاسس والمبررات التي استندت اليها اتفاقية أوسلو، وبدت السلطه وقد فقدت مبررات دورها بعد ان تنكرت اسرائيل لكل ما توخت السلطة تحقيقه من اتفاقية اوسلو في قضايا الحل النهائي فبدت السلطة اسيرة الاحتلال واسيرة موقف نضالي اتخذته مقاومة غزة لا دور للسلطة فيه وليس بمقدورها القفز عن نتائجه في الشارع الفلسطيني مما يضعف موقفها السياسي.
واذا لم يتم تدارك هذا الأمر قد يصبح ذلك شرخا جديدا في الجسم السياسي الفلسطيني تستغله اسرائيل والقوى التي تساندها خاصة بعد تعثر الإنتخابات الفلسطينيه غير مرة.
وتصبح المفارقه الأخطر ان هذه المواجهة العسكرية وحدت الشارع الفلسطيني في غزة والضفة وعرب ثماني واربعين وفعلت الشارع العربي والإسلامي بينما الفصائل الفلسطينيه منقسمة ومتخاصمة سياسيا، بين طرف فلسطيني يؤمن بالمقاومه وطرف آخر يقاومها.
هذه المواجهة العسكرية، وجهت ضربه قويه للمفاهيم السياسيه التي حاولت فرضها ادارة ترامب وحكومه نتنياهو بان السلام يقوم على مقايضة السلام بالسلام والتطبيع المجاني بغض النظر عن القضية الفلسطينيه وحقوق شعب فلسطين ، فبدى هذا الطرح غير ممكن وغير واقعي بعد ان اعاد الفلسطينيون طرح قضيتهم بقوة في ساحة الصراع وفي الساحة الدولية .
فالباحثون عن دور عربا او غير عرب لابد ان يوفقوا ادوارهم في اطار حيثيات الحقوق الفلسطينية وحقوق المسلمين التي لايمكن القفز عنها تحت اي ذرائع.
قد تكون اسرائيل قد حققت دمارا اكبر، وخسائر مادية وفي الارواح في ساحة غزة، إلا ان الفلسطينيين حققوا نصرا معنويا غالي الثمن واعادوا قضيتهم الى الساحة الدولية كقضية شعب ووطن محتل وكشفت المواجهة العسكرية رغم تفاوت القوة العسكرية الوجه العنصري والتوسعي والاستعماري البغيض للدولة العبرية.
جهات كثيرة في العالم اخذت تدرك طبيعة اسرائيل المحتلة العنصرية والتوسعية
كما ان الشارع الاسرائيلي بدى مهزوزا وغير آمن،
وبدت له حقيقة مرعبة تجاهلتها طويلا حكوماته وسياسات دولته ” ان الأمن الحقيقي لا يتحقق تحت وهم القوة و القبة الحديدية وانما تحت قبة السلام”.
هذه المواجهة كشفت فشل مفاعيل جهود واتفاقات ومبادرات السلام حتى الآن والتي اصطدمت متذ البداية بالتطرف والعنصرية والخداع الاسرائيلي وسياسات التوسع التي رسختها حكومات الليكود في العقد الماضي وختمتها بانكار عروبة القدس والإصرار على ضمها وتهويدها، وقانون يهودية الدولة الاسرائيلية الذي يجعل عرب ٤٨ خارج اطار دولة اسرائيل بموجب هذا القانون.
المؤلم ان اللاعبين الفاعلين في ساحة الصراع وفي الاقليم العربي ليسوا عربا وان الدور العربي المؤمل خرج ولم يعد بعد، وان وهم انهاء الصراع لصالح الطرف الاسرائيلي لم يعد واقعيا.



